الرئيسيةمقالاترجال تربوا على مائدة الأدب النبوى
مقالات

رجال تربوا على مائدة الأدب النبوى

رجال تربوا على مائدة الأدب النبوى

رجال تربوا على مائدة الأدب النبوى

 

 

بقلم ـ محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد تعالي معي أخي الكريم لنتعرف علي رجل ممن تربوا على مائدة الأدب النبوي الكريم الشريف وهو الصحابي الجليل خبيب بن عدي، وقد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من عضل وقارة، وذكروا أن فيهم إسلاما، وسألوا أن يبعث معهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن، فبعث معهم عشرة نفر، فغدروا بهم وقتلوهم، ما عدا الصحابي خبيب بن عدي رضي الله عنه، فلما كان محبوسا مقيدا، وعلم أن ساعة القتل قد دنت وأن لقاءه بربّه قد إقترب، طلب من جارية لبني الحارث بن عامر. 

ومعني جارية هي خادمة، أو أمة، فطلب منها موس أي حديدة ليحلق عانته ليتهيأ للقاء ربه فجاءته بتلك الحديدة التي طلب وبينما هو يحملها في يده إذا غلام صغير من بني الحارث قد دب حتى دخل عليه فأجلسه خبيب في حجره، يداعبه ويلاعبه، يحنو عليه ويلاطفه لأنه تعلم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم توقير الكبير والعطف على الصغير وإنزال كل إنسان منزلته فلما رأت تلك الجارية ذلك الغلام جالسا في حجر خبيب والحديدة في يده فزعت وقالت في نفسها “قد أدرك الرجل ثأره والله ليقتلن الغلام” وخبيب رضي الله عنه وليّ الله تفرّس بما حدّثت به المرأة نفسها، فقال لها “أخشيت أن أقتله؟ والله ما كنت لأفعل، ما تعلمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقتل صغيرا ولا أن نعتدي على طفل وما تعلمنا من شريعة الإسلام أن نؤاخذ صغيرا بجريرة كبير، فما كنت لأفعل. 

وتقول هذه الجارية بعدما أسلمت رضي الله عنها، تقول “ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد رأيت بين يديه قطفا من عنب، وما بمكة يومئذ عنب قط، وإنه لمقيد اليدين وإنما هو رزق ساقه الله إليه” فلما أجمعوا على صلبه قال دعوني حتى أركع ركعتين، فتركوه فصلاهما، فلما سلم قال والله لولا أن تقولوا إن ما بي جزع لزدت، ثم قال ” اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبقي منهم أحدا ” ثم قال فقال له أبو سفيان أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال لا والله، ما يسرني أني في أهلي وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، ومن الرجال الذين تربوا على مائدة الأدب النبوي الكريم الشريف هو حرام بن ملحان رضي الله عنه فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ناسا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ابعث معنا رجالا. 

يعلموننا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم القرّاء، وفيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل ويتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه بالمسجد، ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم حتى نزلوا بئر معونة وهي أرض بين بني عامر وحرّة بني سليم فنزلوا هناك، ثم بعثوا حرام بن ملحان وهو أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه، وأمر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه، فلما أنفذها فيه ورأى الدم، قال حرام الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم استصرخ عامر بن الطفيل على بقية البعثة أصحابه من بني عامر، فلم يرضوا أن يخفروا جوار ملاعب الأسنة، فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم، وهم رعل، وذكوان، وعصية. 

فأجابوا وذهبوا معه، حتى إذا التقوا بالقرّاء أحاطوا بهم، وقاتلوهم حتى قتلوهم عن آخرهم، بعد دفاع شديد لم يجدهم نفعا لقلة عددهم، وكثرة عدوهم، ولم ينجو إلا كعب بن زيد، وكان من عادة العرب حتى في كفرهم وجاهليتهم أنهم لا يقتلون الرسل، وهذا عُرف سائد عندهم، لكن لما صارت المعركة بين الإسلام والكفر، نسي العرب كل عاداتهم وتقاليدهم في سبيل حرب الإسلام، قالوا أي القراء اللهم بلغ عنّا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ” إن إخوانكم قد قتلوا، وقالوا اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنّا ” رواه مسلم، وانظر إلى قول قاتل الصحابي حرام بن ملحان وهو جبار بن سلمى فقلت في نفسي ما فاز، ألست قتلت الرجل؟ فما زال يسأل حتى أُخبر أنه فاز بالشهادة. 

وبما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فقال جبار فاز لعمر الله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، إن بعض النفوس، تظل في شك من مصداقية هذا الدين، حتى ترى قسمات الفرح بادية على وجوه أفراده بشرا وسرورا، وسكينة واطمئنانا، وهم يواجهون الموت في سبيله.

 

 

 

رجال تربوا على مائدة الأدب النبوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *