الشعر

طبقات النقاد

جريدة موطني

طبقات النقاد

الشاعر. عباس محمود عامر

تعقيبي على المقال الإسبوعي للناقد الأكاديمي الجليل أ.د. أحمد فرحات بعنوان “طبقات الشعراء”

 

النقد هو عدسة تكشف الجميل والقبيح.. وتحدد لنا مواطن الجمال وضحالة القبح .. نشأ النقد بعدما وجد الأدب .. فلولا الأدب ما كان النقد .. ولولا النقد ما كان الأدب الجميل .. لأن النقد يقوم بفحص وتنقيب وتقييم النصوص الأدبية .. تحت مفاهيم تقويم الأدب بمعايير الإحساس والإبداع لبيان قيمة النص ..ومفاهيم التقويم تتلخص في توجيه المبدع في الإتجاه الذي يخدم النص بتحديد جوانب القوة والضعف لعلاج جوانب الضعف وتلافيها في النص..وتعزيز جوانب القوة .. وتعريف المبدع بالنتائج المفيدة .. وإعطاؤه فكرة واضحة عن أدائه .. وتحميس دوافعه نحو الإستمرار ..

وهذه المفاهيم للتقويم بصفة عامة تعد الأداة الأقوى في تقويم الإنسان وإثبات حضارته .

مهمة النقد توكل لصاحب ضمير ورؤية شاملة وواضحة .. لو فقد الناقد هذين الصفتين .. لا يعد ناقدا .. بل يعد هادما لروح الثقافة التي هي جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية .

والنقد له طبقات من وجهة نظري .. مثل النقد المنهجي الموضوعي والتحليلي والبناء .. والنقد الرغبي والنقد الكيدي والنقد مدفوع الأجر .. وكل طبقة لها عواملها المهنية .. ليتضح لنا أن أفضل الطبقات هو النقد المنهجي الموضوعي والتحليلي والبناء الذي حدد معاييرا منهجية .. لكنها تحتاج إلي تطوير المنهج النقدي طبقا لحداثة النص الأدبي التي فرضتها روح العصر لينحصر المنهج النقدي فيما يطرحه النص الأدبي من قيم الإحساس والإبداع .

مقالك دكتورنا الجليل يعبر عن ناقد أكاديمي له منهجه الخاص لتعزيز أدب جميل ينطلق من روح الإنسانية لبناء حضارة ثقافية بمعنى الكلمة .

الشاعر.عباس محمود عامر

“مصر”

=========================

 

أحمد فرحات يكتب : طبقات النقاد

 

كما أن الشعراء طبقات فإن النقاد أيضا طبقات، فما يصلح أن يقال في الواحد منهم لا يصلح أن يقال في كلهم، إلا أن هناك خلة لا يكون الناقد ناقدا إذا تجرد منها، وهي خلة فطرية انطباعية لا يمكن تغافلها ولا أن تدير لها ظهرك، وهي قوة التمييز الفطرية، تلك القوة التي توجد لنفسها قواعد ولا توجدها القواعد والتي تبدع لنفسها مقاييس وموازين ولا تبتدعها المقاييس والموازين. فالناقد الذي ينقد حسب القواعد المعدة سلفا لشعراء آخرين التي وضعها سواه لا ينفع نفسه ولا منقوده ولا الأدب بشيء، إذ لو كانت لنا قواعد ثابتة لتمييز الجميل من الشنيع.

والصحيح من الفاسد لما كان من حاجة بنا إلى النقد والناقدين-كما ينص صاحب الغربال- بل كان من السهل على كل قارئ أن يأحذ تلك القواعد ويطبق عليها ما يقرؤه لكننا في حاجة إلى الناقدين لأن أذواق غالبية الناس منا مشوهة بخرافات رضعناها من ثدي أمسنا وترهات اقتبلناها من كف يومنا؛ فالناقد الذي يقدر أن ينتشلنا من خرافات أمسنا وترهات يومنا والذي يضع لنا اليوم محجة لندركها في الغد هو الرائد الذي سنتبعه والحادي الذي سنسير على حدوه .

والناقد مرشد لأنه كثيرا ما يردّ كاتبا مغرورا إلى صوابه، أو يهدي شاعرا ضالا إلى سبيله فكم من روائي عظيم توهم في طور من أطوار حياته أنه خلق للقريض. لكنه نظم ولم ينظم سوى كلام، إلى أن قيض الله له ناقدا رفع الغشاء عن عينيه فأراه أن الرواية مسرحه وليس البحور الشعرية.

وإذا ما استعرضنا آراء ميخائيل نعيمة النقدية على نقاد اليوم عامة، والدار خاصة تبين لنا أن هناك أسماء راسخة في النقد أمثال الدكاترة محمد غنيمي هلال وأحمد الحوفي وبدوي طبانة ومحمود الربيعي ورجاء جبر وأحمد هيكل وسعد مصلوح وعلي الجندي وغيرهم من الأفذاذ الذين أناروا الطرقات للمبدعين، وتركوا لنا أثارا خالدة نهتدي بها، وتسد فراغا في حياتنا الأدبية. ولا ينبغي أن ندير ظهرنا لمن امتلأت كروشهم كرها وحقدا ونفر منهم الطلاب والباحثون، ولم يتركوا لنا أثرا قيما بل تركوا في الحياة الأدبية وصمة عار عليهم وعلى كروشهم وعروشهم الرملية الخاوية، وأسماؤهم معروفة يعرفها القاصي والداني من طلابهم. خائنون للأمانة، تلفظهم الدار لفظا.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار