بين هذا المخاض المُتعسر و القائم في العالم بأسره و تطلعات فردية في خضم كوابيس جماعية حانقة و خانقة لأنفاس النيام ، و بين ماضٍ يحسبه الظمئان خرير ماء و حاضر يغرس بخاصرة الحلم خناجر الإفاقة من سبات الوهم ، و بين تأريخات تحمل معنيان و دربان و روايتان و تاريخ معاصر لا يحتوي إلا على معنى واحد في درب واحد و رواية وحيدة نحضر تدوين مَشاهدها سمعاً و بصراً و حساً و لمسا
من منظور ما أسلفنا بالحق نقول : لقد وجبت علينا الإستفاقة و الإنتباه و رانت لراحة اليد حكحكة العين حتى ينفك اشتباكها فلا يتلامس رمشاها و لا تتعثر الرؤية و لا تتضابب مُشاهدة الواقع ، لنهبط من علياء القمم الرواسي إلى خميص سفحها المنشود و المُعَد للإستصلاح و البناء
لنعمَد إلى غرس صالح في خصيب صالح في رحم أرض صالحة لإنجاب ما عكفنا عليه حلماً و ما استأثرناه طموحاً و ما آلينا إليه تطلعاً و ملاذا ، ليقم كل بانٍ على ما يسطع عليه بنانه و ما يستطيع بنيانه و ما اشتملت عليه بنات فكره و بُنيات رشده ، ليُبنى هذا الحاضر بسواعد و زنود و أعضاد حاضريه ، بمراسم و مخطوطات و رؤى معاصريه ، و بما يرتضيه العصر انطلاقاً و تقدماً مما لا يتعارض أو يتنصل من سوالفه و حضارته و سرمدية وجوده
إننا و لا يُنكر ما نحن عليه كل واعٍ ، هياكلنا قويمات إلا من التراخي و عزائمنا قائمات إلا من التردد و مقوماتنا حاضرة إلا المدفون منها و الذي يرتجي استكشاف ذويه كما لا و لن يحك جلدك مثل ظفرك
العوائد يا عزيزي هدية كل كفاح و نتيجة كل مُثابرة و احتساب لكل حسبة ، فعائد الغربة وطن و عائد البناء سكن و عائد التكافل حياة و عائد التكامل سيرة خالدة
تعالى نخلد سيْرتنا و نُورّث سِيَرنا و نسنّ لورثتنا قوانين التعايش و مأثورات الإستقلال و مساعينا من السفوح إلى القمم ممطرين بالإباء غائمين بالانتماء و مغمورين بأصالتنا و صِلاتنا و أوصالنا ، تعالى لنكن مضرب القوادم لكل عهدٍ قادم و يد التآلف بلا نافر أو ساخط أو مخالف
نحن الكادحين المكافحين الثابتين القادمين و القائمين ، نحن أبناء الأرحام اليَبوس و العجاف اشتد أزرنا و استقام ظهرنا و أعلنا قدوم السبع الخضراوات و السمان ، نحن نستطيع .
