شريط الاخبار

" أسلاك شائقة " الأدب الساخر يعود إلى ألقه من جديد

جريدة موطني

” أسلاك شائقة ” الأدب الساخر يعود إلى ألقه من جديد

سامر خالد منصور

” أسلاك شائقة ” عنوان أحدث المجموعات القصصية للقاص والروائي الدكتور محمد عامر مارديني وهي الرابعة له في باب الأدب الساخر ، و قد امتازت كسابقاتها بغرابة عناوين قصصها التي تشوق معظمها القارئ :
” جريمة بلغة الإشارة ، اللوحة الأخيرة ، كاميرا الشعور ، شطيرة ملوخية .. إلخ ”
– شخصيات القصص :
من اللافت تنوع أنماط الشخصيات مما يجعلها بانوراما اجتماعية ونافذة تطل على جوانيات فئات اجتماعية وعمرية كثيرة مما يجعلها مؤلفاً ثريَّاً ، حيث نجد شخصيات ترمز إلى زعماء مافيات الفساد وصولاً إلى أبسط أنماط الناس من باعة جوالين لمأكولات شعبية وما شابه .
– البطل شبه الموحد للقصص :
بطل كل قصة من قصصه ، في ” أسلاك شائقة ” وما سبقها ، جاء تقريباً ذات الشخصية والتي يعتمد الأديب مارديني أسلوب المونولوج ليأخذنا إلى جوانياتها النفسية ، وهي تُجسد في معظم الأحيان الإنسان اللبق المهذب الحريص على مشاعر الآخرين ، و من المفيد رؤية المجتمع بكافة أنماطه و ظواهره السلوكية العجيبة من وجهة نظر إنسان سوي مثقف راقٍ كونه ينتبه إلى أدق التفاصيل السلوكية التي تعتريها الغرابة أو اللامنطقية . وسبب تمسكه بشخصية البطل هذه ، هي كونه مهتماً بكتابة أدب السيرة الذاتية .
لم تخلو المجموعات القصصية السابقة من أنسنة الحيوان وفي مجموعة ” أسلاك شائقة ” أوجد الأديب مارديني شخصية مُهجنة في قصته بعنوان ” تهجين ” والتي امتازت بالنهاية غير المتوقعة حيث تطالعنا النهايات المدهشة الغريبة والمنطقية والمعبرة في عديدٍ من قصص المجموعة التي امتازت أيضاً بتنوع موضوعاتها :
الطبقية ، الاستغلال المُركب ، النفاق الاجتماعي ، تحويل السلطة إلى تسلط ، التطفل ، الاحتكار ، أثر الوساطة والمحسوبيات المتجسد في ازدواجية المعايير .. إلى آخره .
– الحدث :
بالنسبة لأي أديب متمكن لا يهم حجم الحدث ونوعه فقد يكون استبدال دماغ إنسان وقد يكون مجرد حصوة صغيرة في صحن فول بلبن كما في قصتي ” تهجين ” و ” فول بلبن ” وهذا ما تجلى في قصص القاص الدكتور محمد عامر مارديني حيث استطاع أن يعرض بشكل مُعبّر مفاعيل الأحداث كلها في العوالم الداخلية لشخصيات قصصه و بالتالي التغيير الذي قد يطرأ على سلوكها والذي يساهم في نسج الأحداث التي تدخل أيضاً في حلقة من التغذية الراجعة .
– التحدي الأكبر للأديب :
على الأديب في بعض الأحيان أن يكتب شخصية نمطية ، على سبيل المثال ، تعيش حياةً مُملَّة و أن يُدخل القارئ في أجواء تلك الحياة ويجعله يختبر أقصى درجات ملل وسأم تلك الشخصية دون أن يمل القارئ نفسه ! ، وهذه تكاد تكون مُعضلة ، ومن جهته استطاع الأديب مارديني أن ينسج بعض الشخصيات التي يُهيمن الابتذال على سلوكها دون طرحها بابتذال ، أي أنه ذهب في عمق الشخصيات حتى تلك التي تبدو بسيطة وسطحية .
من ميزات الأدب الساخر أن الضحك عند قراءته لا يأتي مجانياً بمعنى أنه أدب يتجنب الأحداث والمواقف المُفتعلة من قبل الكاتب بهدف الاضحاك ، وقد امتازت المجموعة القصصية ” أسلاك شائقة ” بالموافق والمفارقات النابعة من صلب واقعنا و ذات المغازي و الدلالات السيكولوجية و السوسيولوجية خاصة فيما يخص الشخصيات المركبة كشخصيات المسؤولين .

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار