الدكروري يكتب عن قلوب المحزونين والمكروبين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 27 فبراير 2024
إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد لقد حثنا الغسلام علي عبادة جبر الخواطر، وإن جبر الخواطر هو إدخال السرور والبهجة إلى قلوب المحزونين والمكروبين والمحتاجين، وإشعارهم بأنهم ليسوا وحدهم في هذه الدنيا، بل لهم إخوة في الإيمان يساندونهم ويعينونهم، وجبر الخواطر هو سد حاجات الناس بقدر المستطاع، سواء كانت حاجات مادية أو معنوية أو اجتماعية أو نفسية، وتقديم المساعدة والإغاثة للفقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمحرومين.
وجبر الخواطر هو تقدير قدر الآخرين وإحترام شعورهم وكرامتهم، وعدم إذلالهم أو إهانتهم أو إزعاجهم أو إغضابهم، بل التعامل معهم بلطف وحسن خلق، جبر الخواطر هو تصحيح المفاهيم الخاطئة والأفكار السلبية التي قد تصيب بعض الناس في ظروف صعبة، وإرشادهم إلى ما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم، وتذكيرهم بفضل الصبر والتوكل على الله تعالي، وكما ان جبر الخواطر هو تقوية الروابط بين المسلمين، وبث روح التآخي والتضامن بينهم، وتحقيق مبدأ التكافل الإجتماعي، وتجنب كل ما يثير الفتنة أو يزرع الشقاق أو يولد البغضاء، وجبر الخواطر هو نيل رضى الله تعالى وثوابه.
فإن من جبر خاطر مؤمن كان له منزلة عظيمة عند ربه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أزال عن مسلم همّا من هموم الدنيا، أزال الله عنه همّا من هموم يوم القيامة” وكما أن جبر الخواطر هو كسب محبة الناس وثقتهم ودعائهم، فإن من جبر خاطر أخيه المسلم كسب قلبه وأحبه لله، وأصبح له صديقا وحليفا في الخير، وأصبح محل إحترام وتقدير في المجتمع، وجبر الخواطر هو إزاحة الحقد والغيظ من قلوب بعض الناس، الذين قد يشعرون بالظلم أو الإهمال أو الحسد أو الكره، وتحويلها إلى قلوب مليئة بالمحبة والسلام والرضا والشكر، وجبر الخواطر هو تطبيق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان خير مثال في جبر خواطر المسلمين، فكان يزور المرضى ويعزي المصابين ويقضي حوائج الفقراء ويصلح بين المتخاصمين ويعفو عن المذنبين.
وإن من أشكال وطرق جبر الخواطر هو الصدقة وهو إعطاء المال أو المتاع أو الطعام أو الملبس للفقراء والمساكين والمحتاجين، وخاصة في أوقات الشدائد والكوارث، فهذا يخفف عنهم الضر ويدخل عليهم الفرح، وأيضا الكلمة الطيبة وهو قول كلمات حسنة ومعروفة للآخرين، تشجعهم وتثبتهم وتزيل عنهم الهم والغم، فالكلمة الطيبة صدقة وجبر للخاطر، وكما أن من جبر الخواطر هو الدعاء للآخرين بالخير والبركة والشفاء والفرج، سواء في حضورهم أو غيابهم، فهذا يدل على المحبة والإخلاص ويجلب الإجابة من الله تعالى، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة” نسأل الله تعالى أن يجعلنا من القائمين بحقوق إخواننا، ونسأله عز وجل أن يؤلف بين قلوبنا ويصلح ذات بيننا.