الرئيسيةمقالاتقرأت لك 
مقالات

قرأت لك 

قرأت لك 

 قرأت لك 

الأديب الشاعر / خالد الجمال

شخصيات صنعت التاريخ 

( 5 ) سلطان العلماء .. العز بن عبد السلام 

الإمام أبو محمد عز الدين بن عبدالسلام شيخ الإسلام وسلطان العلماء ( 577ـ 660هـ ) من أشهر الأعلام في تاريخ الإسلام في عصره . عصر الدولة الأيوبية وأول عصر المماليك في مصر .

نشأ في دمشق وتعلم في حلقاتها العلمية ودرس علي كبار علمائها . ومحدثيها وفقهائها . وكان من أساتذة فخر الدين بن عساكر .. وسيف الدين الأسد وغيرهما 

قرأت لك 

وعلت مكانته العلمية وارتقت منزلته . وعهد إليه بالتدريس والقضاء والفتيا والخطابة 

وكثرت حلقاته العلمية .. ومن تلامذته من أعلام العصر .. ابن دقيق العيد 625ــ 702هـ وهو الذي لقب أستاذه بسلطان العلماء ..

وصار العز إمام عصره في العلم والفتيا والقضاء وفي الشجاعة والجرأة والورع والقيام في الحق .

قرأت لك 

ترك العز مؤلفات كثيرة . منها شرح أسماء الله الحسني . شجرة المعارف . تفسير مختصر القرآن . مختصر النهاية . ومؤلفات آخري .

ولما توفي العز بن عبدالسلام في التاسع من جماد الأولي عام 660هــ خرج السلطان بيبرس والأمراء والشعب يشيعون جنازته وحزن عليه بيبرس حزنا شديدا . وحمل نعشه علي كتفه . وهو يقول لا إله إلا الله .. إن العز لم يتفق موته إلا في دولتي . 

وقال بيبرس لخواصه بعد موت العز الآن استقر ملكي لأن العز لو أمر الناس بالثورة علي السلطان لانتزع مني ملكي ..

وللإمام العز مواقف كثيرة في التاريخ خالدة . لقد عاش العز في عصر حافل بالأحداث . عصر الحروب الصليبية . وغزو التتار للعالم الإسلامي . عصر الجهاد الإسلامي . من أجل تحرير التراب . ومن أجل مجد الإسلام وعزة المسلمين ..

ومما يؤثر عن الإمام قبل هجرته إلي مصر . أن سلطان بلده الصالح إسماعيل . استنجد بالصلبيين ضد سلطان مصر نجم الدين أيوب . فغضب العز غضبا شديدا 

وأسقط اسم سلطان بلده في الخطبة . وأعلن الخروج عليه . فعزله السلطان من مناصبه وأرسل إليه رسولا يغريه بعودة مناصبه إليه . وأكثر مما كان في يده إن خضع للسلطان وقبل يده ..

فقال الشيخ للرسول : يا مسكين أنا لا أقبل أن يقبل سلطانكم يدي . أنتم في واد وأنا في واد وخرج الشيخ مهاجرا إلي مصر عام 639 هـ فأقبل عليه السلطان نجم الدين أيوب . واحتفي به وولاه خطابة مصر وقضاءها ..

وصعد العز بن عبدالسلام يوما إلي القلعة . وكان يوم عيد وذلك لتهنئة السلطان ..

فرأي عجبا . شاهد السلطان . وقد أبطرته النعممة . والأمراء يقبلون الأرض بين يديه . فصاح بالسلطان : يا أيوب . ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوئ لك ملك مصر ؟ وهذه المعاصي ترتكب علنا بجوار قصرك . وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة .. فوجد السلطان ..

وغضب عليه السلطان يوما فعزله من مناصبه . فرد عليه الشيخ . الحمدلله إن ذلك من نعم الله الجزيلة علي الموجبة للشكر لله تعالي علي الدوام . وإن لهذا لهدية من الله تعالي أجراها علي يدي السلطان وهو غضبان . وأنا بها فرحان . 

والتفت الشيخ إلي رسول السلطان وقال له : لو كان عندي هدية تصلح لك علي هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لأهديتها لك . خذ هذه السجادة .

وأمر ببيع الأمراء وقبض ثمنهم ووضعه في بيت المال الإسلامي . فدفع السلطان للشيخ كل ما أراد فوزعه في وجوه الخير . وأعتق الأمراء الأرقاء . ومنحهم حق الحرية . في التصرف في البيع والشراء .. هذا الموقف الخالد هو أحد مواقف الشيخ 

وفي عهد السلطان المظفر قطز بطل عين جالوت أراد السلطان فرض ضرائب جديدة علي الشعب . لمواجهة مصاريف الحرب . وجمع السلطان لذلك العلماء .

فحضر الشيخ العز وعارض رأي قطز وقال له : لايجوز أن يؤخذ من الرعية شئ

إلا إذا لم يبق في بيت المال شئ . وبعتم مالكم . واقتصر كل منكم علي فرسه وسلاحه وتساوي الأمراء في ذلك هم والشعب . أما أخذ أموال الشعب مع بقاء ما في أيدى غيره من الأموال والآلات الفاخرة فلا ..

وكان الشيخ حين تولت شجرة الدر حكم مصر . لايبالي في إعلان سخطه علي توليتها حكم البلاد .

وكان العز لا يبالي بإنسان في سبيل الحق . كان يغلظ علي الملوك ويعنفهم . ويعظ الناس فيبكيهم . وكانت حياته كلها مواقف خالدة . وكان يلقي دروسه في الأزهر الشريف .. وله فيه حلقات كبيرة من حلقات العلم .

وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي يقول : ما علي وجه الأرض من مجلس في الفقه أبهي من مجلس الشيخ عز الدين بن عبدالسلام .

ويحق ما لقبه تلميذه ابن دقيق العيد . بهذا اللقب العظيم سلطان العلماء . ولم يطلق علي أحد من العلماء هذا اللقب الكبير . إلا علي الشيخ عز بن عبدالسلام شيخ العلماء 

وإمام السالكين . والواصل إلي الله . والعارف بالله .

وللعز بن عبدالسلام في الجهاد ضد الصلبيين . وخاض مع علماء عصره غمار معركة المنصورة عام 648هـ ضد الصلبيين وأسر لويس التاسع ملك فرنسا وحبسه في دار ابن لقمان بالمنصورة .

هذا هو الشيخ العز بن عبدالسلام صلابة في الحق . وكره للباطل . ومحاربة الفساد والتزام كامل بأوامر الله . وعدالة تامة في الحكم .

لقد مات العز بعد أن ترك وراءه ذكرا خالدا وقدوة حسنة وصفحات بيضاء من العزة والكرامة والإباء والوطنية والنضال . من أجل حرية الوطن وعزته وسيادته ومجده .

رحمه الله وأسبغ عليه رضوانه . 

قرأت لك 

قرأت لك 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *