السعودية وباكستان النووية… والإمارات والهند النووية: ملامح معادلة ردع جديدة في الخليج
بقلم – الجيوفيزيقي محمد عربي نصار
تحالفات استراتيجية تُعيد رسم قواعد اللعبة
في مشهد إقليمي يزداد سخونة مع كل يوم، تتبلور أمام أعين العالم خريطة تحالفات غير مسبوقة: اتفاق دفاع مشترك سعودي–باكستاني يضع قدرات إسلام آباد النووية في خدمة أمن الخليج، يقابله تعاون إستراتيجي إماراتي–هندي مع دولة تملك بدورها ترسانة نووية متطورة. هذه الاصطفافات لا تُقرأ بمعزل عن تصاعد الصراع مع إسرائيل، بل تفتح الباب أمام معادلة ردع إقليمية قد تغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط.
السعودية وباكستان: مظلة نووية رادعة
التوقيع على الاتفاق الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد ليس مجرد تعاون عسكري تقليدي. فباكستان، صاحبة البرنامج النووي الإسلامي الأبرز، تمثل قوة ردع هائلة. وبموجب الاتفاق، أي اعتداء على السعودية يُعد اعتداءً على باكستان نفسها، ما يرفع سقف الردع إلى مستوى غير مسبوق. هذه الخطوة تمنح المملكة قوة تفاوض استثنائية، وتبعث رسالة واضحة بأن أمنها لم يعد رهينة الحماية الأميركية وحدها.
الإمارات والهند: شراكة القوة الصاعدة
في الضفة الأخرى، تعزز أبوظبي علاقاتها الدفاعية مع نيودلهي، القوة النووية الصاعدة ذات الاقتصاد العملاق. التعاون بين البلدين تجاوز التجارة إلى مجالات الأمن البحري والتدريب العسكري المشترك، في وقت يشهد المحيط الهندي والبحر العربي تنافسًا محتدمًا على خطوط الملاحة والطاقة. تحالف الإمارات مع الهند يمنح الخليج بعدًا استراتيجياً آسيوياً يوازي التحالف السعودي–الباكستاني.
معادلة ردع إقليمية جديدة
وجود شراكتين استراتيجيتين – إحداهما مع باكستان النووية والأخرى مع الهند النووية – يخلق للمرة الأولى مظلة ردع مزدوجة حول الخليج. وفي حال تعرّض أي من دول المجلس لاعتداء، خصوصًا من إسرائيل، فإن الرد لن يكون خليجيًا فحسب، بل قد يستدعي مواقف حازمة من قوتين نوويتين بحجم باكستان والهند، بما يرفع كلفة أي مغامرة عسكرية ضد المنطقة إلى مستوى غير مسبوق.
دلالات إستراتيجية
1. توازن خارج المظلة الأميركية: دول الخليج لم تعد تعتمد حصريًا على القواعد الأميركية؛ بل توسّع دوائر حلفائها النوويين شرقًا.
2. تعقيد الحسابات الإسرائيلية: أي عمل عسكري ضد دولة خليجية قد يعني مواجهة شبكة تحالفات تمتد من جنوب آسيا إلى الشرق الأوسط.
3. رسالة ردع إقليمية ودولية: هذه التحالفات تضع الخليج في موقع من يمتلك أكثر من ورقة قوة، وتحوّل المعادلة من دفاع منفرد إلى ردع جماعي عابر للقارات.
بهذه التحالفات الجديدة، تنتقل دول الخليج – بقيادة السعودية والإمارات – من مرحلة الاتكال على الآخرين إلى صياغة منظومة ردع إسلامية–آسيوية قادرة على حماية مصالحها، وإرسال رسالة قوية لكل من يفكر في اختبار أمنها: أي اعتداء على دولة خليجية لن يواجه جدارًا عربيًا فحسب، بل درعًا نوويًا يمتد من كراتشي إلى نيودلهي.