“اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف” يعتبر نافذة على المعرفة وجسر نحو التقدم بقلم د – خالد السلامي في 23 أبريل من كل عام، يحتفل العالم بيوم الكتاب وحقوق المؤلف، هذه المناسبة التي أقرتها منظمة اليونسكو عام 1995 تقديرًا لدور الكتب في نشر المعرفة وتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب والثقافات. فالكتاب هو النافذة التي نطل من خلالها على عوالم جديدة، والجسر الذي يربطنا بخبرات الأجيال السابقة ويمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا. في دولة الإمارات العربية المتحدة، يحظى الكتاب والقراءة باهتمام كبير، انطلاقًا من رؤية القيادة الحكيمة بأن المعرفة هي الثروة الحقيقية للأمم، وأن بناء الإنسان المتسلح بسلاح العلم والثقافة هو الاستثمار الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة والريادة العالمية. وقد انعكس هذا الاهتمام في العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية الضخمة، مثل إنشاء المكتبات العامة والمتخصصة، وتنظيم معارض الكتاب الدولية، وتخصيص جوائز قيمة لتكريم المبدعين في مجالات الأدب والترجمة والنشر. لكن الاحتفاء بالكتاب لا يقتصر على يوم واحد في السنة، بل هو نهج حياة وسلوك حضاري نحرص على تعزيزه في مجتمعنا. فالقراءة هي مفتاح النجاح والتميز في شتى المجالات، وهي السبيل لبناء الشخصية المتوازنة القادرة على مواجهة تحديات العصر بكل ثقة واقتدار. ومن هنا، فإن غرس حب الكتاب في نفوس أبنائنا منذ الصغر، وتشجيعهم على ارتياد المكتبات واقتناء الكتب، هو استثمار في مستقبلهم ومستقبل وطننا. وفي إطار الجهود المبذولة لتشجيع القراءة والارتقاء بصناعة النشر، أطلقت دولة الإمارات العديد من المشاريع الطموحة، مثل “مشروع المكتبة الوطنية” الذي يهدف إلى إنشاء صرح ثقافي شامل يضم ملايين الكتب والمراجع في مختلف المجالات، ويوفر منصة متكاملة للباحثين والمثقفين من داخل الدولة وخارجها. كما تم إطلاق “استراتيجية القراءة الوطنية 2026” التي تسعى إلى ترسيخ القراءة كممارسة يومية في حياة المواطنين والمقيمين، وتعزيز مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال والناشئة، وصولاً إلى بناء مجتمع قارئ ومعرفي متميز. وإيمانًا بأهمية الترجمة في نقل المعارف بين الشعوب والحضارات، حرصت دولة الإمارات على دعم حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، من خلال مبادرات مثل “كلمة” للترجمة التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، والتي تعمل على نشر إبداعات الأدباء والمفكرين العرب في لغات العالم، وفي المقابل تنقل أمهات الكتب والأعمال العالمية إلى العربية، لإثراء المحتوى المعرفي باللغة الأم. كما تقام سنويًا “جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي”، وهي الأكبر من نوعها في العالم، لتكريم المترجمين المتميزين وتشجيعهم على مواصلة العطاء في هذا المجال الحيوي. ولأن الأطفال هم قراء المستقبل ومشاعل الغد، فقد أولت دولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا بأدب الطفل وصناعة الكتاب المخصص للأطفال. فتم إنشاء “مركز أدب الطفل” في الشارقة، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويقدم العديد من البرامج والأنشطة لتنمية ملكات الإبداع والتخيل لدى الأطفال، وتشجيعهم على القراءة والكتابة. كما تنظم سنويًا “جائزة الشارقة لأدب الطفل” لتكريم المبدعين في مجالات الكتابة والرسم والتصميم للأطفال، ودعم صناعة كتب الأطفال بشكل عام. وفي سياق متصل، أثبتت التجارب أن القراءة الجماعية أو ما يسمى بـ “نوادي الكتاب” لها دور كبير في زيادة الوعي بأهمية القراءة وتبادل الأفكار والرؤى حول الكتب. لذا، تشهد الدولة انتشارًا متزايدًا لنوادي الكتاب في الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة، حيث يجتمع الأعضاء بشكل دوري لمناقشة الكتب وتبادل الانطباعات حولها، مما ينمي روح الحوار البناء ويعزز التفكير النقدي لديهم. ولا يفوتنا في هذا السياق أن نشيد بالدور الكبير الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات النشر الإلكتروني في التشجيع على القراءة ونشر المحتوى المعرفي الهادف. فقد أتاحت هذه الأدوات الرقمية فرصة كبيرة للكتّاب والمدونين لمشاركة إبداعاتهم مع جمهور واسع من القراء، وفي المقابل أتاحت للقراء إمكانية الاطلاع على آلاف العناوين بسهولة، والتفاعل المباشر مع الكتّاب وبعضهم البعض. وهو ما يسهم في خلق بيئة تفاعلية ثرية تدعم انتشار الكتاب والمعرفة بلا حدود. إن دولة الإمارات، وهي تخطو بثبات نحو مستقبل ما بعد النفط، تؤمن إيمانًا راسخًا بأن الاستثمار في المعرفة والإبداع والابتكار هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. ومن هذا المنطلق، فإنها تواصل التزامها بدعم الكتاب وصناعة النشر، وتوفير البيئة المواتية لإطلاق العنان للمواهب الإبداعية، وتمكين أبنائها وبناتها من الإبحار في عوالم المعرفة والثقافة، ليكونوا مشاعل تنير دروب التقدم والريادة للأجيال القادمة. وفي عصر التطور التكنولوجي المتسارع، لا يزال الكتاب الورقي يحتفظ بمكانته المتميزة، رغم انتشار البدائل الإلكترونية. فتجربة التعامل مع الكتاب الملموس، وتقليب صفحاته، واستنشاق رائحة الورق، هي متعة لا تضاهيها متعة. كما أن الكتاب الورقي هو الأقدر على الصمود في وجه تقادم التقنيات وتغير صيغ الملفات الرقمية. ولذلك، فمن المهم الحفاظ على إرث الكتاب وضمان استمراريته كوعاء للمعرفة يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد. ولا يقل دور الكتاب الإلكتروني أهمية في نشر الثقافة والمعرفة، خاصة في ظل تنامي الاعتماد على الأجهزة الذكية والحوسبة السحابية. فالكتاب الإلكتروني يتيح فرصة الوصول إلى ملايين العناوين بنقرة زر، دون التقيد بحدود المكان أو الزمان. وهو ما يسهم في تعزيز التنوع الثقافي وتبادل الأفكار على نطاق أوسع. كما أن صيغ الكتب الإلكترونية التفاعلية، والمدعمة بالوسائط المتعددة، تضيف أبعادًا جديدة لتجربة القراءة، وتجعلها أكثر تشويقًا وجاذبية، خاصةً للأجيال الجديدة. وفي ذكرى يوم الكتاب العالمي، لا بد من التأكيد على أهمية حماية حقوق المؤلفين والناشرين، باعتبارها حقوقًا أصيلة كفلتها القوانين والمواثيق الدولية. فالملكية الفكرية هي حق من حقوق الإنسان، ومن واجبنا جميعًا احترامها وصونها من أي اعتداء أو تعدي. كما أن حماية حقوق المؤلفين هي ضمانة لاستمرار الإبداع والابتكار في المجالات الأدبية والعلمية، وحافز للمبدعين على مواصلة العطاء والتألق. وختامًا، فإن الكتاب سيظل النافذة السحرية التي تطل بنا على آفاق المعرفة، والجسر المتين الذي يصل الماضي بالحاضر والمستقبل. ويظل التزامنا تجاه الكتاب، كمجتمع وكأفراد، هو الوقود الذي يدفع مسيرتنا نحو التقدم والتنمية. فلنحتفي بالكتاب في يومه العالمي، ولنجعل منه رفيقًا دائمًا لنا على دروب الحياة، ولنعمل معًا على نشر ثقافة القراءة وحب المعرفة، ليشرق مستقبل وطننا بنور العلم والحضارة. المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.
“اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف” يعتبر نافذة على المعرفة وجسر نحو التقدم
بقلم د – خالد السلامي
في 23 أبريل من كل عام، يحتفل العالم بيوم الكتاب وحقوق المؤلف، هذه المناسبة التي أقرتها منظمة اليونسكو عام 1995 تقديرًا لدور الكتب في نشر المعرفة وتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب والثقافات. فالكتاب هو النافذة التي نطل من خلالها على عوالم جديدة، والجسر الذي يربطنا بخبرات الأجيال السابقة ويمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا.
في دولة الإمارات العربية المتحدة، يحظى الكتاب والقراءة باهتمام كبير، انطلاقًا من رؤية القيادة الحكيمة بأن المعرفة هي الثروة الحقيقية للأمم، وأن بناء الإنسان المتسلح بسلاح العلم والثقافة هو الاستثمار الأمثل لتحقيق التنمية المستدامة والريادة العالمية. وقد انعكس هذا الاهتمام في العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية الضخمة، مثل إنشاء المكتبات العامة والمتخصصة، وتنظيم معارض الكتاب الدولية، وتخصيص جوائز قيمة لتكريم المبدعين في مجالات الأدب والترجمة والنشر.
لكن الاحتفاء بالكتاب لا يقتصر على يوم واحد في السنة، بل هو نهج حياة وسلوك حضاري نحرص على تعزيزه في مجتمعنا. فالقراءة هي مفتاح النجاح والتميز في شتى المجالات، وهي السبيل لبناء الشخصية المتوازنة القادرة على مواجهة تحديات العصر بكل ثقة واقتدار. ومن هنا، فإن غرس حب الكتاب في نفوس أبنائنا منذ الصغر، وتشجيعهم على ارتياد المكتبات واقتناء الكتب، هو استثمار في مستقبلهم ومستقبل وطننا.
وفي إطار الجهود المبذولة لتشجيع القراءة والارتقاء بصناعة النشر، أطلقت دولة الإمارات العديد من المشاريع الطموحة، مثل “مشروع المكتبة الوطنية” الذي يهدف إلى إنشاء صرح ثقافي شامل يضم ملايين الكتب والمراجع في مختلف المجالات، ويوفر منصة متكاملة للباحثين والمثقفين من داخل الدولة وخارجها. كما تم إطلاق “استراتيجية القراءة الوطنية 2026” التي تسعى إلى ترسيخ القراءة كممارسة يومية في حياة المواطنين والمقيمين، وتعزيز مهارات القراءة والكتابة لدى الأطفال والناشئة، وصولاً إلى بناء مجتمع قارئ ومعرفي متميز.
وإيمانًا بأهمية الترجمة في نقل المعارف بين الشعوب والحضارات، حرصت دولة الإمارات على دعم حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، من خلال مبادرات مثل “كلمة” للترجمة التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، والتي تعمل على نشر إبداعات الأدباء والمفكرين العرب في لغات العالم، وفي المقابل تنقل أمهات الكتب والأعمال العالمية إلى العربية، لإثراء المحتوى المعرفي باللغة الأم. كما تقام سنويًا “جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي”، وهي الأكبر من نوعها في العالم، لتكريم المترجمين المتميزين وتشجيعهم على مواصلة العطاء في هذا المجال الحيوي.
ولأن الأطفال هم قراء المستقبل ومشاعل الغد، فقد أولت دولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا بأدب الطفل وصناعة الكتاب المخصص للأطفال. فتم إنشاء “مركز أدب الطفل” في الشارقة، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويقدم العديد من البرامج والأنشطة لتنمية ملكات الإبداع والتخيل لدى الأطفال، وتشجيعهم على القراءة والكتابة. كما تنظم سنويًا “جائزة الشارقة لأدب الطفل” لتكريم المبدعين في مجالات الكتابة والرسم والتصميم للأطفال، ودعم صناعة كتب الأطفال بشكل عام.
وفي سياق متصل، أثبتت التجارب أن القراءة الجماعية أو ما يسمى بـ “نوادي الكتاب” لها دور كبير في زيادة الوعي بأهمية القراءة وتبادل الأفكار والرؤى حول الكتب. لذا، تشهد الدولة انتشارًا متزايدًا لنوادي الكتاب في الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة، حيث يجتمع الأعضاء بشكل دوري لمناقشة الكتب وتبادل الانطباعات حولها، مما ينمي روح الحوار البناء ويعزز التفكير النقدي لديهم.
ولا يفوتنا في هذا السياق أن نشيد بالدور الكبير الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات النشر الإلكتروني في التشجيع على القراءة ونشر المحتوى المعرفي الهادف. فقد أتاحت هذه الأدوات الرقمية فرصة كبيرة للكتّاب والمدونين لمشاركة إبداعاتهم مع جمهور واسع من القراء، وفي المقابل أتاحت للقراء إمكانية الاطلاع على آلاف العناوين بسهولة، والتفاعل المباشر مع الكتّاب وبعضهم البعض. وهو ما يسهم في خلق بيئة تفاعلية ثرية تدعم انتشار الكتاب والمعرفة بلا حدود.
إن دولة الإمارات، وهي تخطو بثبات نحو مستقبل ما بعد النفط، تؤمن إيمانًا راسخًا بأن الاستثمار في المعرفة والإبداع والابتكار هو السبيل الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. ومن هذا المنطلق، فإنها تواصل التزامها بدعم الكتاب وصناعة النشر، وتوفير البيئة المواتية لإطلاق العنان للمواهب الإبداعية، وتمكين أبنائها وبناتها من الإبحار في عوالم المعرفة والثقافة، ليكونوا مشاعل تنير دروب التقدم والريادة للأجيال القادمة.
وفي عصر التطور التكنولوجي المتسارع، لا يزال الكتاب الورقي يحتفظ بمكانته المتميزة، رغم انتشار البدائل الإلكترونية. فتجربة التعامل مع الكتاب الملموس، وتقليب صفحاته، واستنشاق رائحة الورق، هي متعة لا تضاهيها متعة. كما أن الكتاب الورقي هو الأقدر على الصمود في وجه تقادم التقنيات وتغير صيغ الملفات الرقمية. ولذلك، فمن المهم الحفاظ على إرث الكتاب وضمان استمراريته كوعاء للمعرفة يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد.
ولا يقل دور الكتاب الإلكتروني أهمية في نشر الثقافة والمعرفة، خاصة في ظل تنامي الاعتماد على الأجهزة الذكية والحوسبة السحابية. فالكتاب الإلكتروني يتيح فرصة الوصول إلى ملايين العناوين بنقرة زر، دون التقيد بحدود المكان أو الزمان. وهو ما يسهم في تعزيز التنوع الثقافي وتبادل الأفكار على نطاق أوسع. كما أن صيغ الكتب الإلكترونية التفاعلية، والمدعمة بالوسائط المتعددة، تضيف أبعادًا جديدة لتجربة القراءة، وتجعلها أكثر تشويقًا وجاذبية، خاصةً للأجيال الجديدة.
وفي ذكرى يوم الكتاب العالمي، لا بد من التأكيد على أهمية حماية حقوق المؤلفين والناشرين، باعتبارها حقوقًا أصيلة كفلتها القوانين والمواثيق الدولية. فالملكية الفكرية هي حق من حقوق الإنسان، ومن واجبنا جميعًا احترامها وصونها من أي اعتداء أو تعدي. كما أن حماية حقوق المؤلفين هي ضمانة لاستمرار الإبداع والابتكار في المجالات الأدبية والعلمية، وحافز للمبدعين على مواصلة العطاء والتألق.
وختامًا، فإن الكتاب سيظل النافذة السحرية التي تطل بنا على آفاق المعرفة، والجسر المتين الذي يصل الماضي بالحاضر والمستقبل. ويظل التزامنا تجاه الكتاب، كمجتمع وكأفراد، هو الوقود الذي يدفع مسيرتنا نحو التقدم والتنمية. فلنحتفي بالكتاب في يومه العالمي، ولنجعل منه رفيقًا دائمًا لنا على دروب الحياة، ولنعمل معًا على نشر ثقافة القراءة وحب المعرفة، ليشرق مستقبل وطننا بنور العلم والحضارة.
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.