المقالات

الستر الحسي والستر المعنوي

جريدة موطني

الستر الحسي والستر المعنوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 6 سبتمبر 2024

الستر الحسي والستر المعنوي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، إن العلاقات الاجتماعية والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة وصدقها، ولولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعا قائما على الكذب لندرك مبلغ تفككه وتمزقه، وانعدام صور التعاون والتلاحم بين أفراده، فكيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟ وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة أو تاريخ أو حضارة في غياب الصدق بين أفراده؟

وكيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا غاب الصدق في المجتمع؟ وكيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟ وكيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أساس التعامل بين الناس؟ وكيف يوثق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات، إذا غاب الصدق وحل محله الكذب والافتراء؟ وكيف يهنأ لمجتمع عيش إذا ما حلت به السنوات الخداعات، تقلب فيها الموازين، وينتشر فيها المكر والخديعة، والكذب والحيل وقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وما أجمل أن يكون الصدق مشاعا بين الناس، بين الأسر، وبين الجيران، وفي البيوت والمدارس والمؤسسات، في الشوارع والمتاجر والأسواق وفي كل مكان، ومع كل إنسان، فواجب على الآباء والأمهات وكافة المربين أن يغرسوا فضيلة الصدق في نفوس الأطفال.

حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها، وكم من الآباء يكذبون على أبنائهم، وما علموا أنهم بذلك يغرسون خلق الكذب في نفوس أبنائهم، فأين الآباء والأمهات من تربية أبنائهم على الصدق؟ والسير بهم في طريق الصادقين؟ فالصادقون أهل إيمان وإحسان وصبر وتقوى، والصادقون أهل إيمان ويقين ومجاهدة، واعلموا بأن الستر نوعان هو ستر حسي وستر معنوي، أما الستر المعنوي فهو أن تجد المسلم قد إقترف الذنب أو إرتكب الفاحشة فلا تفضحه، بل تنهاه عن معصيته وتلين له في نصيحة ملؤها الرفق والشفقة، وتستر عليه فلا تبوح بخطيئته ولا تعريه من ستر الله عليه، ولقد إعترف ماعز الأسلمي رضي الله عنه بلسانه بين يدي الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم بالوقوع في فاحشة الزنا ومع هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهو يحاول معه أن يستر على نفسه وأن يتوب بينه وبين الله عز وجل، فأخذ يقول له “ويحك إرجع فاستغفر وتب إليه” رواه مسلم، فيرجع ماعز غير بعيد، ثم يعود فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم طهرني والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له مثل ما قال حتى تكرر منه هذا الأمر ثلاث مرات فلما إستيقن النبي صلى الله عليه وسلم من وقوعه في هذه الفاحشة وأنه يريد تطهير نفسه من درنها ويرجو أن يلقى الله تعالي وليس عليه وزرها أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يقيموا عليه الحد فذهبوا به فرجموه، فلما أذلقته الحجارة هرب من مكانه من شدتها فأدركه الصحابة بالحجارة حتى مات وفي رواية لأبي داود لما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهروبه، قال لهم “هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه” ثم قال عنه “إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها”

الستر الحسي والستر المعنوي

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار