عندما تبتسم السماء المصرية
لواء دكتور/ سمير فرج. متابعة عادل شلبى
أكاد أرى سماء مصر تتبسم، بعدما احتضنت أول معرضاً للطيران والفضاء، في مدينة العلمين، الذي كان فرصة للعالم للتعرف على أحدث الطائرات الحربية والمدنية ومعدات الفضاء، بمشاركة نحو 100 دولة، مثّلهم حوالي 300 من كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع الطائرات وصناعة الفضاء. وكان لمصر مشاركة خاصة، بالاعتماد على ما شهدته قواتنا الجوية، في الفترة الأخيرة، من تطور كبير، نتج عن انضمام أحدث الطائرات لأسطولنا الجوي، ومنهم مقاتلات الجيل الرابع بلس، مثل الرافال الفرنسية، والميج 29، والطائرات الهليكوبتر، مثل أجوستا، وكاموف، ومي 4.
وخلال تفقد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لجناح شركة مصر للطيران استمع سيادته لعرض عن التعاقدات الجديدة التي تضم 10 طائرات إيرباص 350، و18 طائرة بوينج، والتي تأتي في إطار جهود تطوير خدمات النقل الجوي المدني المصري. وكان من أهم مميزات المعرض، في هذا العام، ما قدمته الهيئة العربية للتصنيع، من خلال عرض رئيسها اللواء مختار عبد اللطيف، بأن مصانع الطائرات التابعة للهيئة، في حلوان، قد نجحت في إجراء العمرات، في مصر، لمحركات 16 نموذج مختلف من الطائرات، فضلاً عن البدء في تصنيع قطع الغيار، بعد حصول المصنع على اعتماد شركة “سفران الفرنسية”، ليكون المركز الدولي، الوحيد، على مستوى العالم، في عمرة المحركات من طراز ألفا جيت، كذلك مع شركة “داسو الفرنسية” لعمل عمرة محركات الطائرات، والقيام بتصنيع أجزاء من هياكل الطائرات، بما يجعل الهيئة العربية للتصنيع، أحد ركائز سلاسل الإمداد لشركة داسو الفرنسية.
وقد ضم المعرض أجنحة لعدد من الدول العربية مثل قطر، والإمارات العربية المتحدة، التي قدمت تسع طائرات تحمل علامة صنع في الإمارات، فضلاً عن الطائرة المسيرة الجديدة شادو 50. كما حقق المعرض، هذا العام، نصراً جديداً، تمثل في إرسال الصين طائرة النقل Y20، للمشاركة في العرض، في أول عرض جوي لها خارج الصين، فضلاً عن أسطورة الطيران الجوي GC10.
أما فيما يخص الفوائد التي تعود على مصر من إقامة المعرض، فيمكن حصر بعضها في حضور جميع الطيارين المصريين للمعرض، وما يتيحه من التعرف على كل ما هو جديد في صناعة الطائرات العسكرية والمدنية، والانخراط مع مصنعيها في الاستفسارات عن إمكانيات الطائرات الجديدة على مستوى العالم، بما يسمح بالاستفادة من تلك المعلومات في تطوير المصانع في حلوان، وهو ما يرتبط بدور فريق العمل في الكليات الفنية العسكرية، المنوط بعمليات تطوير كبيرة في هذا الصناعات وخاصة في مجال الطائرات المسيرة بدون طيار. وكذلك قسم البحوث في الكلية الفنية في مجال الفضاء الخارجي، في ظل دخول مصر لذلك المجال منذ سنوات قليلة، بعد شراء قمر صناعي للاتصالات العسكرية من فرنسا، يقوم بتطويره وإدارته، اليوم، علماء مصريين وباحثين من الكلية الفنية العسكرية.
وهنا قد نسمع أصوات تتساءل عن قدرات مصر الاقتصادية في إقامة ذلك المعرض الجوي الفضائي، وللإجابة عليه، فمن الضروري الالتفات لأهمية إقامة استضافة مصر للمعرض لترسيخ مكانتها، على مستوى العالم، في ذلك المجال، خاصة وأن القوات الجوية المصرية، مصنفة دولياً في المركز السادس، بين كافة القوات الجوية، على مستوى العالم. يضاف لذلك ما يمثله نشاط المعارض من مقوم سياحي، لأي دولة، بما يدره من عوائد ناتجة عن مشاركات الدول والشركات، فضلاً عن حضور الآلاف للمعرض، لفترات تتراوح بين أسبوعين إلى شهر، وهو ما يمثل حركة رواج سياحي، تقيسها كل الدول الناشطة في مجال سياحة المعارض، لتحديد مدى نجاح المعرض، سواء من خلال حجم التعاقدات التي أبرمت فيه، أو من خلال عدد الغرف الفندقية، والبرامج السياحية التي تم تنظيمها للحاضرين، الذين استفادوا من فرصة تواجدهم بالمعرض، فاصطحب، بعضهم، أفراد أسرهم، للاستمتاع بالتواجد في مصر، وزيارة مدنها ومعالمها السياحية، أثناء فترة انعقاد المعرض.
والحقيقة أن اختيار مطار العلمين، ومنطقة العلمين، كمقر لإقامة ذلك المعرض، كان اختياراً موفقاً، بما انطوى عليه من دلالات، ففضلاً عن الترويج لمنطقة العلمين كوجهة سياحية هامة، فلابد من الانتباه لأن المكان كان مسرحاً للعمليات بين الجيوش الألمانية والبريطانية، خلال الحرب العالمية الثانية، والتي خلفت فيها القوات البريطانية والألمانية، ملايين الألغام في ذلك المكان، في مصر. ورغم جهود مصر، خلال الأعوام والعقود الماضية، في تحميل بريطانيا وألمانيا مسؤوليتهما نحو إزالة الألغام، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية، إلا أن كلتاهما لم تتجاوب، إلا من تقديم دعم مالي، محدود للغاية. ومع ذلك نجحت فرق المهندسين، من القوات المسلحة المصرية، في إزالة الألغام، في عملية شاقة للغاية، استغرقت خمس سنوات كاملة، في ضوء عدم وجود خرائط سابقة بمواقع الألغام، فضلاً عن سوء حالة الألغام، نتيجة للعوامل الجوية، مما عرّض فرق المهندسين المصريين لأخطار كبيرة، أثناء عمليات الإزالة، بما يستوجب تقديم الشكر والتقدير للقوات المسلحة المصرية على دورها في تطهير منطقة العلمين.
وانتهى معرض الطيران الدولي والفضاء وسط إشادة دولية من جميع المشاركين والحاضرين، سواء من حسن تنظيم المعرض ومحتواه وحجم المشاركة فيه، أو من حيث الانبهار بمدينة العلمين كوجهة سياحية مبهرة، بما تتيحه من أنشطة سياحية وشواطئ لا مثيل لها في العالم كله، وخرج المشاركين في المعرض كسفراء سياحيين لمصر، للترويج لإمكانات مصر السياحية.
عندما تبتسم السماء المصرية
عندما تبتسم السماء المصرية