حكم التعزية في المقابر
حكم التعزية في المقابر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 23 سبتمبر 2024
حكم التعزية في المقابر
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدينـ أما بعد إن موضوع جلب من يقوم بتلاوة القرآن خلال أيام توارد المعزين، فلا شك أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان خيرا ما فرطوا فيه، فهم أحرص الناس على ما يرضي الله، فهو إذن محدث، وقد قال صلى الله عليه وسلم “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” متفق عليه” والله أعلم، وأم عن حكم الذهاب لسرادق العزاء لتعزية أهل الميت إن لم تتمكن من حضور الدفن ومقابلتهم للتعزية؟ فإن كانت هذه السرادقات لا تشتمل على أمور محرمة فلا مانع من الذهاب إليها للتعزية، وأما مجرد وجود قارئ للقرآن فليس مانعا من الذهاب إلى السرادقات للتعزية.
فقد سئل الشيخ ابن باز هل يجوز الذهاب للعزاء في ميت إذا كان هناك بدع، مثل قراءة القرآن؟ فأجاب السنة زيارة أهل الميت لعزائهم، وإذا كان عندهم منكر، يُنكر ويبين لهم، فيجمع المعزي بين المصلحتين، يعزيهم وينكر عليهم وينصحهم، أما مجرد قراءة القرآن فلا بأس فيها، فإذا اجتمعوا وقرأ واحد منهم القرآن عند إجتماعهم، كقراءة الفاتحة وغيرها، فلا بأس وليس في ذلك منكر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا إجتمع مع أصحابه يقرأ القرآن، فإذا إجتمعوا في مجلسهم للمعزين وقرأ واحد منهم أو بعضهم شيئا من القرآن فهو خير من سكوتهم، أما إذا كان هناك بدع غير هذا، كأن يصنع أهل الميت طعاما للناس، يعلمون وينصحون لترك ذلك، فعلى المعزي إذا رأى منكرا أن يقوم بالنصح، وأما التعزية في المقابر بوقوف أهل البيت صفوفا أو نحو ذلك فلا مانع منه، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة أنه تقبل العزاء من أهل الميت في المقبرة قبل الدفن أو بعده لا حرج فيه.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن عثيمين ما حكم إصطفاف أهل الميت عند باب المقبرة لتلقي تعازي الناس بعد دفن الميت مباشرة؟ فأجاب بأن الأصل أن هذا لا بأس به لأنهم يجتمعون جميعا من أجل سهولة الحصول على كل واحد منهم ليعزي، ولا أعلم في هذا بأسا، وأما عن حكم قراءة القرآن علي الميت؟ فإنه ليس له أصل ولا نعلم له أصلا، لكن إذا وقع صدفة من غير قصد، أي إذا إجتمعوا وقرأ واحد منهم فلا بأس، أما أن يتخذ لهذا نظام فهذا ليس له أصل في العزاء، لا وجود القرّاء، ولا إيجاد المآكل والمطاعم، ولا غير ذلك، لكن أهل الميت إذا نزل بهم الضيف لا بأس أن يكرموه، أو جاءتهم أطعمة كثيرة ودعوا إليها من يأكلها لا بأس، أما أن يقيموا مأتما لأجل الميت، فيذبحوا الذبائح لأجل الميت، ويدعوا القرّاء لأجل الميت، هذا ليس له أصل، بل هو من البدع التي أحدثها الناس، أما كونهم إجتمعوا وجلسوا في مكان يتذاكرون، أو يعزي بعضهم بعضا.
وقرأ أحدهم بعض الآيات، هذا طيب، فالعزاء من سنن الإسلام التي واظب عليها نبينا المصطفي محمد عليه الصلاة والسلام فكان إذا مات لواحد من أصحابه ميت يعزيه بقوله “إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب” ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتمع مع أصحابه لقراءة القرآن لذلك الميت، ولا أن يجلب من يقرأ له، فلا شك أن هذا من الأمور المحدثة التي لم تعهد عن نبينا صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا عن أهل القرون المفضلة، فهي بدعة منكرة، وقد قال عليه الصلاة والسلام “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، والواجب على من وقع فيها أن يتوب إلى الله عز وجل ويقلع عن تلك البدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام “أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة حتى يدع بدعته” رواه ابن ماجه.