الرئيسيةمقالاتحبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا
مقالات

حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا

حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا

حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد إن أفعالنا مصبوغة بحب الوطن، فالوطن ليس مجرد أرض تضمنا جميعا تحت جناحيها، فتحمينا وترشدنا وتهدينا، ولكن الوطن روح تسكن فينا ونسكن فيها، حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا، وواجبنا إتجاهه يكون بالمحافظة على أرضه ومائه وهوائه من التلوث وممتلكاته العامة ومؤسساته من التخريب، وأن نقف وقفة عز وشموخ لرايته العظيمة، فهذه اللحظة لحظة فخر وإعتزاز ومسؤولية إتجاه ترابه الطاهر، فالوطن هو العزة والكرامة ونبض القلب ونظر العيون، ولا يوجد ما هو أحق من الوطن في الحصول على أرواحنا، فالوطن عزيز على الجميع وغالي.

 

على كل القلوب، إما أن نعيش في الوطن ونخدمه أو نموت من أجله، والإعتزاز إلى الوطن خالد، فلا أحد يعرف شيئا يستحق الإعتزاز أكثر منه، وقال الإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء، معددا بعض من ما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” وكان يحب عائشة ويحب أباها ويحب أسامة، ويحب سبطيه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه” ولا يقبل هنا خلط الأوراق فنقول أن هذه المحبة مرتبطة بمكة والمدينة لعظم شأنهما أو أن ألم فراق الوطن بسبب البعد عن الأهل والجيران وإلا فما وجه العقوبة في تيه بني إسرائيل إذن فقد كانوا جماعة كاملة لا ينتقص منهم فردا فالعقوبة هنا بالبعد عن الأرض والمكان الذي إرتبط به الإنسان، كما أن حب الوطن يكون بأن نحافظ على جميع مقدراته من السلب والنهب، وأن نحمي تاريخه الماضي. 

 

وأن نحرس حاضره وأن نرعى مستقبله ومستقبل أبنائه، وإن الوطن لا يريد من أبناء شعبه أن يكتبوا إسمه ويعلقوه تميمة في صدورهم، بل يريد منهم أن يبقى الأولوية في حياتهم في كل شيء، وأما عن حب الوطن في الفقه وآراء العلماء، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” ثلاثة تستجاب دعوتهم الوالد والمسافر والمظلوم” ففسر بعض العلماء و منهم الشيخ المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير عن السبب في إستجابة دعوة المسافر ” لأن السفر مظنة حصول إنكسار القلب بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق والإنكسار من أعظم أسباب الإجابة، وذهب بعض الفقهاء أن من حكم الحج وعظم ثوابه أنه يهذب الإنسان ليس فقط بتخليه عن زينة الدنيا وإنما أيضا بفراقه لوطنه، ومن الأدلة أن الشارع جعل عقوبة الزاني البكر أن يبعد عن وطنه، كي يتجرع مرارة الذنب الذي وقع فيه. 

 

ومن الأدلة أن المشركين عاقبوا أنبياء الله ورسله الذين ارسلوا اليهم بالنفي والإبعاد عن الوطن، فما أن يعلن نبي دينه ويدعو إليه إلا ويخرجه قومه من بلدهم، كما كان خروج شعيب عليه السلام من قريتهم مقابلا لرجوعه إلى دينهم وتركه عبادة الله وحده، وذكر الله تعالى عن اليهود فقال ” ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ” فكانت عقوبة الله تعالى لهم طردهم من المدينة عقابا لهم في الدنيا، وكذلك عاقب الله تعالى بني إسرائيل على تقاعسهم عن الجهاد وقولهم لسيدنا موسى عليه السلام ” فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ” وهي من الكبائر، بأن جعلهم يتيهون في الأرض بلا وطن، أربعين سنة عقوبة لهم، ومن حب الوطن هو أن يكون العطاء له غير محدود أبدا، ومهما قست الظروف يبقى الوطن حنونا وادعا، حتى أن القلب لا يشعر بالراحة والسكينة إلا فيه، فهو شيء متعلق بالروح قبل الجسد، وحبه يسري في العروق مع الدماء.

حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا

حبه فطرة ألقاها الله في قلوبنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *