
كبسولة وعي
المركز الوطني… حيث تُروى حكاية التحوّل الاجتماعي إلى استثمار مستدام
بقلم حارث علي العسيري : مكة المكرمة :-
الباحث في مجال الإستثمار الإجتماعي
حين يُذكر التحوّل الاجتماعي في المملكة، تلمع في الأفق حكايات كثيرة… لكن هناك حكاية مختلفة، هادئة في مظهرها، عميقة في أثرها، تقودها جهةٌ قررت أن تجعل من العمل غير الربحي رافدًا اقتصاديًا واجتماعيًا.
إنها المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي… حيث يتحول الخير من تبرع إلى استثمار، ومن مبادرة إلى منظومة، ومن فكرة إلى واقع.
المبادرات الأولى… إشعال فتيل التحوّل:
حين أُسس المركز الوطني، لم يكن أمامه سوى خيار واحد أن يكون البداية الجديدة
فأطلق مبادرات التوعية والدعم والتمكين، أبرزها تنظيم أول ملتقى وطني للاستثمار الاجتماعي حضره أكثر من 900 مشارك من الجهات غير الربحية، والقطاع الخاص، والمستثمرين.
إصدار 3 أدلة إجرائية للاستثمار الاجتماعي في الجمعيات والمنظمات
-تقديم حزمة من ورش العمل التي وصلت إلى أكثر من 30 جلسة تدريبية متخصصة
وقد كانت الرسالة واضحة: “لسنا جهة داعمة فحسب… بل نحن جهة تغيير.
من المبادرة إلى التطبيق… تحويل المفاهيم إلى تجارب :
لم يكتفِ المركز بالتنظير، بل دخل إلى عمق التجربة في عام 2023 وحده، نفذ المركز
تمويل 14 مشروعًا نموذجيًا للاستثمار الاجتماعي في مجالات متعددة: التعليم، الصحة، التمكين.
دعم أكثر من 80 جمعية أهلية لبناء وحدات إستثمار إجتماعي داخلي
إطلاق منصة إلكترونية تفاعلية لربط المستثمرين بالمشاريع الاجتماعية ذات الجدوى
تجربة بعد تجربة، يبني المركز “أجندة سعودية للاستثمار الاجتماعي” قائمة على التجريب والمراجعة، لا على الشعارات.
من الدعم إلى التمكين… الهندسة الصامتة للتغيير :
في العمق، بدأ المركز في تأسيس بنية تحتية ذكية للاستثمار الاجتماعي، شملت
إطلاق منصة قياس الأثر الاجتماعي: بأكثر من 120 مؤشراً وطنياً لقياس العائد غير المال
تطوير نموذج اقتصادي أولي لاحتساب “العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI)”للجمعيات والمبادرات.
توقيع شراكات مع 12 جهة من القطاع الخاص لتفعيل الاستثمار التشاركي
لقد أصبحت كلمات مثل: العائد الاجتماعي”، و”تقييم الأثر”، و”الاستثمار التعاوني” مألوفة في كل لقاء، تدور على ألسنة الجمعيات، وتكتب في تقاريرها، وتُناقش في اجتماعات مجالس إدارتها.
رسالة للمركز الوطني:
إلى المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي
أنتم لم تصنعوا مشاريع فقط، بل بنيتم أرضية جديدة يفهم بها الجيل القادم معنى “الأثر”
أنتم لم تتحدثوا بلغة الدعم، بل بلغة “الاستثمار الذكي”، وأثبتّم أن الريال الواحد يمكن أن يُثمر عشرة أضعاف حين يُدار بالمعرفة
وبلغة الأرقام: أنتم الجهة التي حققت خلال 3 سنوات فقط
-أكثر من 150 مبادرة مباشرة وغير مباشرة مرتبطة بالاستثمار الاجتماعي
-تدريب 5,000 من العاملين في القطاع غير الربحي على مفاهيم التمويل المستدام
-دعم تأسيس وحدات استثمار اجتماعي في أكثر من 10 مناطق إدارية في المملكة
وفي الختام حيث يلتقي الطموح بالإرادة
المركز الوطني لا يضع أهدافاً في الهواء… بل يبنيها بالحجر، والرقم، والرؤية هو الصوت القادم من المستقبل، وهو الصورة التي نحلم أن نراها في كل حي، وكل جمعية، وكل مبادرة
وقد يكون الأجمل أن نختم بجملة بسيطة…
إذا أردت أن ترى ملامح 2030 في القطاع غير الربحي… فتأمل ما يفعله المركز اليوم
كبسولة وعي