خط الانسحاب الأولي من غزة… خريطة جديدة ترسم ملامح مرحلة غامضة
متابعة أشرف ماهر ضلع
في الخامس من أكتوبر 2025، وبينما تستعد القاهرة لاستقبال جولة مفاوضات دقيقة تُعيد ترتيب أوراق الحرب والسلام في قطاع غزة، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بإعلانه أن إسرائيل وافقت على خط الانسحاب الأولي من القطاع، في خطوة وُصفت بأنها أخطر ما في خريطة الصراع منذ شهور الدم والنار.
من على منصته “تروث سوشيال”، كتب ترامب منشورًا يعيد خلط الأوراق قائلاً:
> “وقف إطلاق النار يمكن أن يدخل حيز التنفيذ فورًا إذا وافقت حركة حماس على خط الانسحاب المحدد.”
وأضاف أن التأكيد من جانب حماس سيكون إشارة الانطلاق لبدء تبادل الرهائن والأسرى وتهيئة الأرضية للمرحلة التالية من الانسحاب، مشيرًا إلى خريطة مرفقة تُظهر الخط الأصفر الذي يمثل المسار المقترح للانسحاب.
ملامح الخطة ومسار الانسحاب
الخريطة التي نشرها ترامب بدت كأنها خيوط نار تمتد من الشمال إلى الجنوب، حيث يبدأ الانسحاب من بيت حانون شمالًا مرورًا بـ بيت لاهيا، ومدينة غزة، والبريج، ودير البلح، وخان يونس، وخزاعة، لينتهي عند رفح جنوبًا.
أما المناطق الحساسة مثل رفح، ومحور فيلادلفي، وبيت حانون فستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية في المرحلة الأولى، بما يعني أن الانسحاب سيكون طوليًا تدريجيًا وليس شاملاً في الوقت الراهن.
وفيما لم تُحدّد الخطة جدولًا زمنيًا واضحًا، فإنها اكتفت بالإشارة إلى انسحاب تدريجي يرتبط بعملية تبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية، وهو ما يفتح الباب أمام سلسلة من المفاوضات الدقيقة التي ستحتضنها القاهرة خلال الأيام المقبلة.
بين الثابت والمتحول في الموقف الإسرائيلي
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن صراحة أن الجيش سيعيد التمركز، لكنه لن يتخلى عن “المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية”، مؤكدًا أن نزع سلاح حماس سيبقى هدفًا لا مساومة عليه، سواء عبر خطة ترامب أو عبر القوة العسكرية.
وفي الوقت ذاته، كشفت مصادر إسرائيلية أن خطة الانسحاب تتضمن بقاء الجيش في منطقة عازلة داخل حدود القطاع، بالإضافة إلى محور فيلادلفي وتلة الـ70 شرق الشجاعية، وهي نقاط تمنح إسرائيل سيطرة بصرية ونارية على معظم شمال غزة.
القاهرة… قلب التفاوض النابض
في هذه اللحظة المفصلية، تتجه الأنظار إلى القاهرة، حيث أعلنت مصر استضافتها لجولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس.
ومن المنتظر أن يبدأ الحوار الأحد والاثنين بمشاركة وفود أميركية وإسرائيلية رفيعة، من بينها جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، في محاولة لتثبيت خطوط الانسحاب وتحويل الهدنة من حبر على الورق إلى واقع على الأرض.
خريطة لا تزال تُرسم بالدم والدبلوماسية
بين الخريطة التي نشرها ترامب وخطوط النار التي لم تنطفئ بعد في غزة، يقف العالم أمام مشهدٍ معقدٍ تتقاطع فيه السياسة بالجغرافيا، والدم بالدبلوماسية.
فهل تكون خريطة الانسحاب هذه خطًّا نحو السلام، أم حدًّا جديدًا للحرب؟
سؤال مفتوح على احتمالات الأيام القادمة، تُجيب عنه مفاوضات القاهرة، ويكتبه التاريخ على وجه الرمال الممتدة بين رفح وبيت حانون.
خط الانسحاب الأولي من غزة… خريطة جديدة ترسم ملامح مرحلة غامضة