سرّ معبد الكرنك يُكشف أخيراً.. تحديد عمره الحقيقي بعد عقود من الجدل
القاهرة – أشرف ماهر ضلع
في اكتشاف علمي يُعيد كتابة تاريخ أحد أعظم معابد مصر القديمة، كشفت دراسة بريطانية – سويدية حديثة عن العمر الحقيقي لمعبد الكرنك في الأقصر، لتضع حدّاً لجدلٍ استمر لعقود بين علماء الآثار حول زمن تشييده.
فقد أكدت الدراسة، التي أجراها فريق بحثي من جامعة ساوثهامبتون البريطانية بالتعاون مع جامعة أوبسالا السويدية، أن معبد الكرنك بُني قبل نحو أربعة آلاف عام، أي خلال عصر المملكة القديمة (2591–2152 ق.م)، ليكون مركزاً دينياً مكرساً لعبادة الإله الموحد آمون رع.
واعتمد الباحثون، بقيادة الدكتور بن بنينغتون والدكتور أنغوس غراهام، على أكبر مسح جيوأثري من نوعه في الموقع، شمل تحليل 61 عينة من الرواسب الجيولوجية وعشرات الآلاف من شظايا الفخار المكتشفة داخل المعبد ومحيطه.
وأوضحت النتائج المنشورة في مجلة Antiquity العلمية المرموقة أن أرض الكرنك كانت في الأصل جزيرة مرتفعة تشكّلت من تغيّر مجاري النيل القديمة، ولم تُصبح صالحة للاستيطان إلا بعد عام 2520 قبل الميلاد، حين استقرت القنوات النهرية وبدأت أولى مظاهر العبادة في الموقع.
ويرى الباحثون أن اختيار الجزيرة كموقع للمعبد ارتبط بفكرة الخلق الأولى في المعتقد المصري القديم، إذ تشير النصوص إلى أن الإله الخالق آمون رع خرج من أرضٍ مرتفعة وسط المياه، وهو ما يجعل الكرنك تجسيداً عمرانياً لهذا التصور الديني العميق.
وقال الدكتور بن بنينغتون إن “نتائج الدراسة تقدّم أدق تصور زمني لتطور المعبد منذ نشأته، وتكشف كيف تحوّل من جزيرة صغيرة في النيل إلى مؤسسة دينية كبرى شكّلت أحد أعمدة الحضارة المصرية.”
ويعتزم الفريق البحثي توسيع نطاق الدراسة ليشمل مواقع دينية أخرى في الأقصر، بهدف فهم العلاقة بين البيئة النهرية والعمارة الدينية في مصر القديمة، وكيف ساهمت التغيرات الطبيعية في نشأة المراكز المقدسة عبر العصور.
بهذا الكشف العلمي الجديد، يضيف معبد الكرنك – رمز العظمة المصرية وذاكرة التاريخ – فصلاً جديداً إلى ملحمته الممتدة عبر أكثر من أربعة آلاف عام، ليبقى شاهدًا على عبقرية المصري القديم في توحيد العلم والإيمان والجمال في حجرٍ خالدٍ لا يشيخ.
سرّ معبد الكرنك يُكشف أخيراً.. تحديد عمره الحقيقي بعد عقود من الجدل
