أهل الكذب والتكذيب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد اعلموا يرحمكم الله بأن الله سبحانه وتعالى قسّم الخلق إلى قسمين، وهم سعداء وأشقياء، فجعل السعداء هم أهل الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب، وهو تقسيم حاصر مطَّرد منعكس، فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب، وأخبر سبحانه وتعالى أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم وجعل علم المنافقين الذي تميّزوا به هو الكذب في أقوالهم وأفعالهم، فجميع ما نعاه عليهم أصله الكذب في القول والفعل، ثم قال والكذب بريد الكفر والنفاق.
ودليل ذلك ومركبه وسائقه وقائده وحليته ولباسه ولبّه، فمضادة الكذب للإيمان كمضادة الشرك للتوحيد، فلا يجتمع الكذب والإيمان إلا ويطرد أحدهما صاحبَه ويستقر موضعه، والله سبحانه وتعالي نجّى الثلاثة بصدقهم وأهلك غيرهم من المتخلفين بكذبهم، فما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته، ولا إبتلاه ببليّة أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام وفساده، والله المستعان، واعلموا أن من أهم طرائق المنصّرين في إثارة الإفتراءات على الدين، هو المغالطات التاريخية ويقصد بهذه الطريقة أن يدّعي المنصّر وجود خطأ تاريخي في القرآن أو السنّة، ومثال هذه الطريقة هو ادعاء المنصّر أن ما جاء في القرآن عن قصة الخليل إبراهيم عليه السلام، وبنائه هو وابنه إسماعيل للكعبة مخالف للتاريخ.
لأنه غير موجود في الكتاب المقدس عند النصارى، والحقيقة أن بناء الخليل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام للكعبة من العلم الذي كان مستفيضا ومنتشرا بين العرب قاطبة في جزيرة العرب قبل وبعد الإسلام، ولم ينكر أو يشكك أحد في ذلك، ونسل إسماعيل عليه السلام كان موجودا ومعروفا لدى العرب، ومنهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكون ذلك مثبتا في القرآن الكريم هو خير دليل على وقوعه لأن القرآن هو أوثق الكتب على وجه الأرض، أما عدم وجوده في الكتاب المقدس عند النصارى، فهذا الكتاب لا حجة فيه لإيماننا بتحريفه من جهة، ولإشتماله على تناقضات وأخطاء تاريخية تسقط مصداقيته والوثوق به من جهة أخرى، والأسلوب الأمثل في مواجهة هذه الطريقة هو مطالبة المنصّر بإظهار الدليل التاريخي المؤيد لإدعائه من خلال مصادر معتبرة وموثقة.
من أهل الإختصاص، بحيث تكون هذه المصادر منقولة بطريقة تقطع بثبوتها، مع مراجعة كتب التاريخ الموثوقة والمعتمدة عند الإخباريين، وكما أن من أهم طرائق المنصّرين في إثارة الإفتراءات على الدين، هو إتباع المتشابهات، ويقصد بهذه الطريقة أن يستدل المنصّر بنصوص متشابهات ظنية الدلالة، على معاني مخالفة لما دلت عليه النصوص المحكمات القطعية الدلالة كما قال الله سبحانه في سورة آل عمران ” فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ” ومثال هذه الطريقة هو إدعاء المنصّر أن المسيح هو الله في القرآن، مستدلا بما ثبت للمسيح في القرآن من معجزات دالة على صدق نبوته، كإحيائه للموتى، وإبرائه للأكمه والأبرص بإذن الله تعالي، والآيات المحكمات تقطع بأن المسيح ليس إلها، وأن من قال إنه الله.
فهو كافر ضال، ومن ذلك قول الله تعالى ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ” والأسلوب الأمثل في مواجهة هذه الطريقة هو مراجعة التفاسير والشروح لمعرفة التأويل الصحيح للآيات المتشابهات، مع إبطال إستدلال المنصّر بها، بردّها للآيات المحكمات الدالة على خلاف المعنى الذي يزعمه المنصّر.
أهل الكذب والتكذيب