الرئيسيةأخبار العالمرغم وقف حرب غزة.. الضفة على صفيح ساخن
أخبار العالم

رغم وقف حرب غزة.. الضفة على صفيح ساخن

رغم وقف حرب غزة.. الضفة على صفيح ساخن

عبده الشربيني حمام

شهدت مدن وبلدات الضفة الغربية، خلال الأسبوع الأخير، حملات مداهمة واعتقال واسعة نفذها الجيش الإسرائيلي، طالت العشرات من الشبان الفلسطينيين، في وقتٍ قُتل فيه شاب خلال اشتباكات في شمال الضفة، وفق ما أفادت مصادر فلسطينية محلية.
وفي الوقت الذي راهن فيه الفلسطينيون في الضفة على انعكاسات إيجابية لوقف الحرب على قطاع غزة على الأوضاع في الضفة، فإن الجيش الإسرائيلي كثّف حملاته هناك ضد ما يصفها بأذرع إيران.
واقتحمت القوات الإسرائيلية عدة مناطق في طولكرم ونابلس وجنين وبيت لحم والخليل، واعتقلت عددًا من الفلسطينيين بعد عمليات تفتيش استمرت لساعات، تخللها تحويل منازل إلى مواقع عسكرية مؤقتة ومصادرة مركبات ومقتنيات خاصة.
ويقول سكان محليون إن الاقتحامات شبه اليومية باتت روتينًا دائمًا منذ انتهاء الحرب في غزة، معتبرين أنها استمرار لسياسة “العقاب الجماعي”.
تصاعد القيود وتدهور الوضع الاقتصادي
تتزامن هذه التطورات الميدانية مع تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، خصوصًا بعد قرار الحكومة الإسرائيلية منع العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل منذ أكتوبر 2023، وهو القرار الذي حرم أكثر من 150 ألف عامل من مصدر رزقهم الرئيسي.
وكان نحو 177 ألف عامل فلسطيني من الضفة يعملون داخل إسرائيل قبل الحرب، معظمهم في قطاع البناء، حيث شكّلت أجورهم ما يقارب 20% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني. ويؤكد خبراء أن استمرار المنع أدى إلى ارتفاع البطالة إلى أكثر من 30%، وتراجع النمو الاقتصادي بنحو 20% خلال عام واحد.
وفي خطوة وُصفت بأنها الأشدّ منذ بدء الإغلاق، أقرّ وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خطة نهائية لاستبدال العمال الفلسطينيين بآلاف العمال الأجانب من دول آسيوية، ما أثار غضب نقابات العمال الفلسطينية التي اعتبرت القرار “تجويعًا ممنهجًا ومقدمة لتفجير اجتماعي واسع”.
تحذيرات من انفجار اجتماعي
قالت نقابة العمال العرب في الناصرة إن “سياسة المنع تهدف إلى تفقير المدن والقرى الفلسطينية وتحويلها إلى غيتوهات معزولة”، مشيرة إلى أن استمرار هذه الخطوات سيؤدي إلى ازدياد عمليات التهريب عبر الجدار الفاصل بحثًا عن العمل داخل إسرائيل رغم المخاطر.
وحذّرت النقابة من أن القرار الإسرائيلي قد يُشعل موجة غضب واسعة بين الطبقة العاملة الفلسطينية، خاصة في ظل استمرار اقتطاع أموال الضرائب العمالية والتجارية عن السلطة الفلسطينية، وتكثيف بناء المستوطنات وفرض القيود على الحركة.
أبعاد سياسية واقتصادية متشابكة
تقول تقارير إسرائيلية إن قرار الاستغناء عن العمال الفلسطينيين جاء بدعم من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء المجلس الوزاري المصغر، الذين وافقوا على تخصيص 30 مليون شيكل إضافية لوزارة الداخلية لاستقدام عمال من آسيا، في حين يواصل اتحاد أرباب العمل الإسرائيلي الضغط لإعادة العمال الفلسطينيين بسبب النقص الكبير في الأيدي العاملة.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات الميدانية والاقتصادية تعكس استمرار نهج الضغط على الضفة الغربية حتى بعد توقف الحرب في غزة، بهدف فرض واقع أمني واقتصادي جديد يحدّ من قدرة الفلسطينيين على الصمود في مدنهم وقراهم.
ويرى المحلل السياسي حسن سوالمة أنه بالنسبة لسكان الضفة الغربية، فلا يبدو أن نهاية الحرب في غزة قد حملت لهم الهدوء والاستقرار المأمول. فالمداهمات اليومية، وغياب فرص العمل، وقرارات المنع الجديدة جعلت كثيرين يشعرون أن الحرب لم تنتهِ فعلاً، بل انتقلت إلى مرحلة أخرى — أكثر هدوءًا في المظاهر، لكنها لا تقل قسوة في انعكاساتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *