الرئيسيةمقالاتإغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا
مقالاتمنوعات

إغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا

  • إغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا
    بقلم / محمـــد الدكـــروري
    إن الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الحروب في الإسلام، وإن سياسة الإسلام في الحرب لا تنفصل عن الأخلاق، فالحرب لا تعني إلغاء الشرف في الخصومة، والعدل في المعاملة، والإنسانية في القتال وما بعد القتال، وفي هذا جاءت آيات القرآن الكريم، ووصايا الرسول الكريم المصطفي صلي الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ففي القرآن الكريم يقول تعالي ” وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ” وفي السنة كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه إذا توجهوا للقتال بقوله.

    “اغزوا باسم الله وفي سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا” وكذلك كان الخلفاء الراشدون المهديون من بعده يوصون قوادهم ألا يقتلوا شيخا، ولا صبيا، ولا امرأة، وألا يقطعوا شجرا، ولا يهدموا بناء” بل نهوهم أن يتعرضوا للرهبان في صوامعهم، وأن يدعوهم وما فرغوا أنفسهم له من العبادة، ويذكر المؤرخون المسلمون أن الخليفة الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه في المعارك الكبرى التي دارت بين المسلمين والإمبراطوريتين العتيدتين فارس والروم أرسل إليه رأس أحد قادة الأعداء من قلب المعركة إلى المدينة عاصمة الدولة الإسلامية، وكان القائد يظن أنه يسر بذلك الخليفة، ولكن الخليفة غضب لهذه الفعلة لما فيها من المثلة، والمساس بكرامة الإنسان فقالوا له إنهم يفعلون ذلك برجالنا.

    فقال الخليفة في إستنكار آستنان بفارس والروم؟ لا يحمل إلى رأس بعد اليوم، وبعد أن تضع الحرب أوزارها، يجب ألا ينسى الجانب الإنساني والأخلاقي في معاملة الأسرى وضحايا الحرب، فمنذ أن بدأ الوحي في التنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن أتم الله تعالي هذا الدين، وإمتن به على المسلمين قائلا سبحانه وتعالي ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” منذ ذلك الحين وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم تمثل النموذج التطبيقي الكامل الشامل لكل ما جاء في القرآن الذي بلغ الذروة في الكمال والإتقان، وبلغ الغاية في الإبداع، ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وبيّن حكمها، وطريقة التعامل معها، يقول تعالى ” ونزلنا عليك الكتاب نبيانا لكل شيء ” وجاءت السنة النبوية إذا تبين حكم القرآن في كل أمر.

    وتوضح الحلال من الحرام حتى لا تترك شيئا غامضا يزيغ المسلمين عن الجادة، حتى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه العرباض بن سارية ” قد تركتكم علي البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ” وقد كان من لوازم شمول الإسلام، وكون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي المفسرة لأحكام القرآن أن كثف الله تعالي كل الأحداث التي من الممكن أن تواجه المسلمين في أي زمان وفي أي مكان، وذلك في ثلاث وعشرين سنة فقط حتى يتحقق التوجيه الإلهي الحكيم، فقال الله تعالي ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ” ولقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم في فترة رسالته بكل الظروف التي يمكن أن تواجه الأمة الإسلامية في كل زمان ومكان، فهذه ظروف حرب وهذه ظروف سلم، وهذه أيام غنى وهذه أيام فقر.

    وهذه فترات قوة وهذه فترات ضعف، وتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع كافة أنماط البشر فهذا مؤمن وذاك جاحد، وهذا هين لين سهل، وذاك فظ غليظ، وهذا صغير وذاك كبير، وهذا رجل وتلك امرأة، ولقد كان هذا التنوع ضروريا لكي يمنحنا الرسول صلى الله عليه وسلم منهجا عمليا في التعامل مع البشر لأننا أمة منوط بها تبليغ الإسلام للبشرية كافة في كل زمان ومكان، وتحت أية ظروف، ولقد تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كل الأمور التي واجهته بطريقة فذّة، وبسنّة مطهرة أخرجت لنا كنوزا هائلة من فنون التعامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *