مرفأ الأمل

كتبت : الباحثة جنان الخفاجي
الحياة، بكل ما تحمله من تناقضاتٍ وتقلبات، تشبه حكايةَ بحرٍ لا يهدأ.
أمواجها لا تعرف الثبات، مرةً تعصفُ بنا بشدةٍ فتهزّ أعماقنا، ومرةً تداعبنا نسائمها برفقٍ فتغسل عن قلوبنا شيئًا من العناء. تمنحنا يوماً بلون الرماد حين تزدحم الغيوم في سمائنا، وتمنحنا يوماً آخر بلون الورد حين تشرق شمس الرضا في دواخلنا.
تمضي الأيام، وتبقى الحياة تمتحننا في كل فصلٍ من فصولها. تعلمنا أن لا نركن إلى الفرح طويلاً، ولا نستسلم للحزن مهما طال. فكل ما حولنا يتبدل؛ الوجوه، المواقف، وحتى المشاعر. لكن شيئًا واحدًا يجب أن يبقى فينا ثابتًا لا يتغير: الأمل.
الأمل هو المرفأ الأخير الذي نرسو عنده بعد كل عاصفة. هو ذاك الضوء البعيد الذي نراه في آخر الطريق مهما طال الظلام. عنده نستريح، ونستعيد توازننا، ونوقن أن الغد، مهما بدا بعيدًا أو متعبًا، سيأتي على مهلٍ حاملًا معه سلامًا يليق بنا.
سلامٌ يمحو تعب الأيام، ويعيد للروح ابتسامتها الأولى، تلك التي فقدناها وسط زحام التفاصيل، وصخب العالم، وثقل التجارب. فالحياة لا تكافئ من يتقن العزلة، بل من يجرؤ على النهوض كل مرة، مؤمنًا أن في الغد وعدًا أجمل، وأن بعد كل ليلٍ طويلٍ فجرًا ينتظر أن يولد.
فلتكن قلوبنا مثل البحر في صفائه، تتسع لكل ما يأتي، ولتكن أرواحنا كالمرافئ، تستقبل الرحيل والعودة دون أن تفقد يقينها.
وابْقَ متمسكًا بالأمل، فكل موجةٍ وإنْ اشتدت، لا بد أن تهدأ، وكل ليلٍ وإن طال، لا بد أن يُسلِم فجرَه للنور.

