حين ينهزم الكبرياء أمام الدموع
بقلم/نشأت البسيوني
ما أقسى اللحظة التي يتنازل فيها الكبرياء عن صلابته
ويعلن هزيمته أمام دمعة وحيدة
دمعة تختصر وجع العمر كله
وتقول ما عجزت عنه آلاف الكلمات
نحن الذين بنينا حول قلوبنا أسوارا من العزة
نخفي ضعفنا خلف صمت متماسك
ونخبئ ألمنا في ضحكات متعبة
نجد أنفسنا ذات مساء
ننهار بصمت لا يرى
فندرك أن الكبرياء مهما اشتد
لا يملك أن يقف طويلا أمام فيضان المشاعر
حين ينهزم الكبرياء أمام الدموع
يتحرر القلب من صلابته
ويعود كما كان نقيا بسيطا صادقا
كطفل يعتذر دون خجل
ويحب دون خوف
ويغفر دون شروط
فما أجمل تلك اللحظة التي نسامح فيها أنفسنا
ونتوقف عن إخفاء الحزن
ونعترف أننا بشر
ننكسر ونضعف ونبكي
لكننا ننهض بعد كل انكسار بقلب أكثر وعيا
كم من مرة حاولنا أن نكتم الدموع خوفا من أن تفضح قلوبنا
كم من مرة ابتسمنا ونحن ننزف من الداخل
نقول أنا بخير ونحن في قمة الانكسار
ذلك الكبرياء الذي يجبرنا على التماسك
ينهكنا أكثر مما يحفظ كرامتنا
فليس العيب أن نبكي
العيب أن نكابر حتى نختنق
حين ينهزم الكبرياء أمام الدموع
يبدو كل شيء أصدق
الوجع أكثر صفاء
والحب أكثر نقاء
والنفس أكثر راحة
تبكي العيون ليس ضعفا
بل لأن القلب لم يجد لغة غيرها ليعبر عن ألمه
تلك الدموع ليست هزيمة
بل نجاة من الغرق
وتطهير لما علق في الروح من شوائب الأيام
كم مرة خذلنا الحب
فأقسمنا أننا لن نبكي بعد اليوم
ثم بكينا في أول لحظة ضعف كأننا لم نتعلم شيئا
كم مرة وعدنا أنفسنا بالقوة
ثم انكسرنا أمام نظرة أو ذكرى
إن الكبرياء يا صديقي لا ينتصر دائما
وأحيانا يكون البكاء هو الشجاعة الحقيقية
أن تواجه ضعفك دون أن تهرب
أن تدرك أنك إنسان
ولست جدارا لا يتصدع
وفي النهاية
حين تنهمر الدموع بعد صراع طويل
نشعر أننا نولد من جديد
أننا أصبحنا أخف
أقرب إلى أنفسنا
وأكثر صدقا مع مشاعرنا
فالهزيمة أمام الدموع ليست ضعفا
بل تطهير
وخلاص
ودرس نادر في الإنسانية

