الرئيسيةUncategorizedعيد البترول المصري… يوم رفع العلم فوق الذهب الأسود في سيناء
Uncategorized

عيد البترول المصري… يوم رفع العلم فوق الذهب الأسود في سيناء

بقلم: الجيوفيزيقي محمد عربي نصار

🇪🇬 مقدمة: يوم عاد فيه البترول إلى حضن الوطن

في صباح مشمس من أيام نوفمبر عام 1975، كان التاريخ يكتب سطراً جديداً في سجل السيادة الوطنية المصرية.
فبعد عامين فقط من نصر أكتوبر المجيد 1973، عادت مصر لتستكمل ملحمة التحرير، لا عبر المدافع والدبابات، بل عبر العمل والبناء والسيطرة على الثروة الوطنية.
في ذلك اليوم الخالد، 17 نوفمبر 1975، رُفع العلم المصري فوق أول حقل بترول مُستعاد من الإحتلال الإسرائيلي في منطقة أبو رديس بسيناء، ليبدأ عهد جديد من السيادة الإقتصادية والكرامة الوطنية.

ومنذ ذلك التاريخ، أصبح هذا اليوم عيداً رسمياً لقطاع البترول المصري يُحتفل به كل عام تكريماً للرجال الذين صانوا الثروة وحافظوا على مقدرات الأمة.

الحدث العظيم: إسترداد حقول البترول من الإحتلال

كانت حقول أبو رديس والبلاعيم من أهم المناطق البترولية في مصر قبل نكسة 1967. وبعد إحتلال سيناء، سيطرت إسرائيل على هذه الحقول وإستغلتها لسنوات، حتى جاءت إتفاقية فضّ الإشتباك الثانية في سبتمبر 1975، التي مهدت لإنسحاب العدو من أجزاء من سيناء.
وفي 17 نوفمبر من العام نفسه، تم رفع العلم المصري فوق الحقول البترولية في أبو رديس، إيذاناً بعودة الإدارة المصرية الكاملة إليها، تحت إشراف الهيئة المصرية العامة للبترول.
ذلك المشهد لم يكن مجرد إحتفال رمزي، بل كان إعلاناً لإسترداد الثروة قبل الأرض، وإعادة الحياة إلى شرايين الإقتصاد الوطني عبر كنوز الطاقة في باطن سيناء.

أهم الحقول والمناطق البترولية المستردة

لم يكن الإسترداد مقتصراً على موقعٍ واحد، بل شمل مجموعة من أغنى وأشهر حقول البترول المصرية الممتدة على ساحل خليج السويس في سيناء ومن أبرزها:

1. حقول أبو رديس (Abu Rudeis Fields)

تقع جنوب غرب سيناء، وتُعد مهد عيد البترول المصري
تضم عدداً من الحقول الصغيرة مثل رأس سدر وزيزينيا وأبو زنيمة.
تُنتج خاماً بترولياً عالي الجودة، وكان رفع العلم المصري عليها في 17 نوفمبر هو الرمز الأول لعيد البترول المصري.

2. حقول بلاعيم (Belayim Fields)

من أقدم وأهم مناطق الإنتاج في مصر، وتشمل بلاعيم البرية والبحرية.
تُدار بواسطة شركة بتروبل (بلاعيم للبترول) بالشراكة مع شركة إيني الإيطالية.
بعد الاسترداد، أصبحت من ركائز إنتاج النفط والغاز المصري حتى اليوم.

3. منطقة رأس سدر (Ras Sudr)

تقع شمال أبو رديس على ساحل خليج السويس.
كانت من أوائل المناطق التي عادت إلى الإدارة المصرية وأعيد تشغيلها بسرعة لرفد الإنتاج الوطني.

4. منطقة أبو زنيمة (Abu Zenima)

تمتاز بوجود احتياطات من الزيت الثقيل والغاز الطبيعي.
تم تطويرها لاحقاً ضمن نطاق امتيازات خليج السويس.

5. منطقة رأس مسلة وعسل

مناطق صغيرة نسبياً لكنها ذات أهمية استراتيجية في شبكة الإنتاج البترولي المصرية.
أُعيد تأهيلها وإدماجها ضمن امتيازات شركات خليج السويس للبترول.

رمزية عيد البترول: السيادة على الثروة الوطنية

عيد البترول المصري ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو تجسيد لمعنى السيادة الاقتصادية.
استعادة حقول سيناء كانت الخطوة الأولى نحو بناء صناعة بترول وطنية قوية تعتمد على كوادر مصرية، وتُعيد لمصر مكانتها كدولة رائدة في إنتاج وتكرير وتصدير البترول والغاز.
ومنذ ذلك اليوم، أصبح القطاع البترولي أحد أعمدة الاقتصاد القومي، إذ يوفّر مليارات الدولارات سنوياً، ويعمل فيه أكثر من نصف مليون مصري.

الاحتفال السنوي: وفاءٌ للتاريخ وتقديرٌ للرجال

في كل عام، وتحديداً في 17 نوفمبر، تُنظّم وزارة البترول والثروة المعدنية احتفالات رسمية في مواقع العمل والحقول، يُرفع فيها العلم المصري وتُذاع كلمات الوزير وقيادات القطاع، ويتم تكريم العاملين المتميزين والرموز التاريخية الذين ساهموا في مسيرة التطوير.
ويُعتبر الاحتفال تجديداً للعهد بين الأجيال العاملة في هذا القطاع الحيوي، ورسالة تقدير لكل مهندس وجيولوجي وفني ساهم في بناء نهضة البترول المصري.

من سيناء إلى المستقبل: مسيرة نصف قرن من العطاء

منذ رفع العلم في أبو رديس عام 1975، قطع قطاع البترول المصري نصف قرنٍ من التطور المتواصل.
فمن الحقول المستردة في سيناء، انطلقت المسيرة إلى اكتشافات عملاقة في الصحراء الغربية، وخليج السويس، ثم البحر المتوسط، وصولاً إلى اكتشاف حقل ظهر العملاق الذي أعاد رسم خريطة الطاقة في المنطقة.
واليوم، ومع دخول مصر عصر الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، يبقى عيد البترول المصري شاهداً على إرادة وطنية لا تنضب.

خاتمة

عيد البترول المصري ليس مجرد ذكرى، بل هو يوم للكرامة والسيادة والوفاء.
في مثل هذا اليوم من عام 1975، عاد الذهب الأسود إلى حضن الوطن، وارتفع العلم المصري فوق صواري الحقول، ليُعلن أن الثروة جزء من التحرير، وأن التنمية هي الامتداد الطبيعي للنصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *