الرئيسيةمقالاتمن خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟
مقالات

من خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟

من خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟

من خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟

بقلم:محمد خفاجي 

 

مرت أكثر من ثمانين سنة بين لقائين تاريخيين جمعا قادة المملكة العربية السعودية بأقوى دولة في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية. اللقاء الأول جمع بين الملك عبد العزيز بن سعود والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، واللقاء الثاني جمع بين وولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في العصر الحديث وعلى الرغم من هذا الفارق الزمني الكبير، تظل بعض الثوابت في أسلوب القيادة والسياسة واضحة وفي الوقت نفسه تظهر تحولات جوهرية في طبيعة العلاقة بين الرياض وواشنطن. 

١. الملك عبد العزيز: التمسك بالعادات والكرامة 

الملك عبد العزيز حضر اللقاء مع روزفلت بأسلوبه العربي الأصيل، فاحضر معه ٧ خراف يوميًا من قطيعه الخاص، وأقام خيمته على متن البارجة الأمريكية كوينسي في البحيرات المرة بمصر. لم يكن يعرف الملك حينها الثلاجات لكنه أراد أن يظهر الكرم والضيافة العربية حتى في أرقى وأقوى الاجتماعات الدولية 

وعلى المستوى السياسي رفض الملك عبد العزيز طلب روزفلت بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين واقترح بدلاً من ذلك إعطاء بافاريا في ألمانيا كتعويض لهم بعد هزيمة الحرب موقفه هذا يعكس ثباتًا على المبادئ وحفاظًا على الأرض الإسلامية، بالرغم من الضغوط الأمريكية 

٢. محمد بن سلمان: الواقعية والمصلحة الاستراتيجية 

بعد أكثر من ثمانين عامًا، يظهر لقاء ترامب وولي العهد محمد بن سلمان بأسلوب مختلف أكثر استراتيجية وبراغماتية. التركيز هنا لم يعد على الطقوس والعادات التقليدية، بل على النفط، الاستثمار، والأمن الإقليمي العلاقة أصبحت قائمة على مصالح متبادلة، مع الحفاظ على صورة السعودية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط لكنها تظهر اعتمادًا على القوة الأمريكية في عدة ملفات وهو ما يمكن اعتباره مخالفًا لما تنص عليه الآية الكريمة 

يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين

هذا الاعتماد على القوى الأجنبية حتى لو كان استراتيجيًا، يثير تساؤلات حول حدود التوازن بين المصلحة والسيادة، وبين الدين والسياسة 

٣. مقارنة التاريخ بالحاضر 

اللقاء الأول: الملك عبد العزيز أظهر الكرامة والتمسك بالمبادئ، رغم طلبه للحماية من أمريكا. كان لقاءً يجمع بين قوة الشخصية العربية القديمة والحكمة السياسية. 

اللقاء الثاني: التركيز الأكبر على المصلحة العملية والمكاسب الاستراتيجية، مع تراجع واضح للطقوس والتقاليد، واعتماد أكبر على الولايات المتحدة في ملفات داخلية وخارجية.

٤. الخلاصة

تاريخ اللقاءات بين القادة السعوديين والأمريكيين يكشف صراعًا دائمًا بين المصلحة والسيادة وبين الدين والسياسة. الملك عبد العزيز قدم نموذجًا للتمسك بالمبادئ العربية والإسلامية، بينما يظهر نهج محمد بن سلمان أكثر اعتمادًا على الواقعية السياسية والمصالح الدولية. هذه المقارنة تضع أمامنا سؤالًا مهمًا: هل يمكن تحقيق التوازن بين التمسك بالقيم الدينية والسيادة الوطنية وبين التعاون الاستراتيجي مع القوى العظمى؟ 

إن دراسة هذه اللقاءات التاريخية والسياسية لا تقدم فقط دررًا من الحكمة والدروس للعلاقات الدولية، لكنها أيضًا مرآة لفهم التحديات المعاصرة التي تواجه القادة العرب اليوم.

من خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟

من خراف الملك إلى صفقات ولي العهد: كيف تغيّر السعوديون أمام النفوذ الأمريكي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *