الرئيسيةمقالاتالشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض
مقالات

الشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض

الشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض

الشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن هناك صلة كبيرة بين المؤمن والنخلة، وإن المؤمن وإن تعرى ببعض الذنوب فإنه لا يبرح وقته ومكانه حتى يتوب إلى الله تعالى من قريب، فكما أن سقوط ورقة أو ورقتين من النخلة” رواه البخاري، ولا يعنى زوال ظلها كذلك فعل العبد المؤمن لبعض المعاصي لا يعنى به زوال ستر الله تعالى عليه، وليس لأهل الباطل عمل يرفع ولا ذكر يسمع. 

أما أهل الباطل فالخير منهم معدوم ماداموا على باطلهم، فلا يصعد لهم قول طيب ولا عمل صالح ولا دعوة مستجابة، وما ذلك إلا لأن عملهم صار ريبة في قلوبهم، ليس له أصل ثابت وهو الإخلاص، والإستسلام لأمر الله وشريعته، فيسئ ذكرهم عند أهل الصلاح، وإن ذكروا فلا يذكرون إلا بشر وسوء، أما المؤمنون فإن ذكرهم في الخلق مطيب، ومجلسهم في الناس محبب، يترحم عليهم ويستغفر لهم أهل الصلاح وأصحاب السنن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم قال “إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه، فينادي في السماء، ثم ينزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا” ويقول شيخ الإسلام “ما لها من قرار” أي لا مكان تستقر فيه ولا إستقرار في المكان فإن القرار يراد به مكان الإستقرار. 

كما قال تعالى “وبئس القرار” وقال “جعل لكم الأرض قرارا” ويقال فلان ما له قرار أي ثبات وقد فسر القرار في الآية بهذا وهذا فالمبطل ليس قوله ثابتا في قلبه ولا هو ثابت فيه ولا يستقر كما قال تعالى ” فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” فإنه وإن اعتقده مدة فإنه عند الحقيقة يخونه كالذي يشرك بالله فعند الحقيقة يضل عنه ما كان يدعو من دون الله، وكذلك الأفعال الباطلة التي يعتقدها الإنسان عند الحقيقة تخونه ولا تنفعه بل هي كالشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار فمن كان معه كلمة طيبة أصلها ثابت كان له فرع في السماء يوصله إلى الله فإنه ” إليه يصعد الكَلم الطيب والعمل الصالح يرفعه” سبحانه ومن لم يكن معه أصل ثابت فإنه يحرم الوصول لأنه ضيع الأصول ولهذا تجد أهل البدع والشبهات لا يصلون إلى غاية محمودة.

كما قال تعالى “له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ” أما الشجرة الخبيثة فهي الجهل بالله فإنه أول الآفات وعنوان المخالفات ورأس الشقاوات يقول تعالى “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار” فالصفة الأولى أنها تكون خبيثة فمنهم من قال إنها الثوم لأنه صلى الله عليه وسلم وصف الثوم بأنها شجرة خبيثة، وقيل إنها الكراث وقيل إنها شجرة الحنظل لكثرة ما فيها من المضار، وقيل إنها شجرة الشوك، وهذا التفصيل لا حاجة إليه فإن الشجرة قد تكون خبيثة بحسب الرائحة وقد تكون بحسب الطعم وقد تكون بحسب الصورة والمنظر وقد تكون بحسب اشتمالها على المضار الكثيرة والشجرة الجامعة لكل هذه الصفات وإن لم تكن موجودة.

إلا أنها لما كانت معلومة الصفة كان التشبيه بها نافعا في المطلوب، والصفة الثانية قوله ” إجتثت من فوق ” وهذه الصفة في “أصلها ثابت” ومعنى إجتثت أي إستؤصلت وحقيقة، والإجتثاث أخذ الجثة كلها وقوله من فوق الأرض، معناه ليس لها أصل ولاعرق فكذلك الشرك بالله تعالى ليس له حجة ولا ثبات ولا قوة، والصفة الثالثة قوله ما لها من قرار وهذه الصفة كالمتممة للصفة الثانية، والمعنى أنه ليس لها إستقرار يقال قر الشيء قرارا كقولك ثبت ثباتا شبه بها القول الذي لم يعضد بحجة فهو داحض غير ثابت، وهذا الصف للكلمة الخبيثة في غاية الكمال وذلك لأنه تعالى بين كونها موصوفة بالمضار الكثيرة وخالية عن كل المنافع.

الشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض

الشجرة الخبيثة التي إجتثت من فوق الأرض

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *