افكار بصوتٍ مرتفع
زينب كاظم
الأم النرجسية
سنسلط الضوء في هذا المقال على موضوع مؤلم جدا وهناك الكثير من الناس يعانون منه لكن ليس الجميع يستطيع الإفصاح عنه إلا وهو الأمهات النرجسيات وبما أننا كتبنا في مقالات سابقة عن معاناة الناس عموما من الأمهات النرجسيات وبما أنه أكثر من يعاني من الأم النرجسية هي البنت كونها أكثر التصاقا ووجودا مع الأم سنتحدث عن الأمها النرجسيات مع بناتهن فالامهات النرجسيات هن اللواتي يسببن حروق في الروح وجحيم خلف ستار الحنان لكن ليست كل النيران تُرى. بعضها يشتعل في الداخل، يلتهم طبقات الوعي والأمان بصمت مؤلم.
وأقسى النيران تلك التي تأتي من امرأة كان يُفترض بها أن تكون المأوى الأول والملجأ الأخير الأم.
الأم النرجسية ليست مجرد شخصية صعبة؛ إنها معمل صغير لإنتاج جروح طويلة الأمد، تُغلفها بالحنان، وتُخفي قسوتها تحت ستار العاطفة،فهو حنان يشبه الحضن… لكنه حضن يُطبق حتى يختنق القلب،كل ذلك يحدث حين يتحول الحنان إلى أداة امتلاك
أن الأم النرجسية تريدك أن تظلي طفلتها حتى حين تصبحين امرأة.
لا تمنحك الحنان ليقوى ظهرك… بل لتعقد حولك رباطًا لا يُقطع.
تتحكم بكل تفاصيل يومك تحت شعار: “أنا أعرف مصلحتك أكثر منك إنه ليس حبًا… بل مركزية مريضة تعتبرك امتدادًا لها، لا روحًا مستقلة،وأول خطوة في مشروع السيطرة هو العزلة…
اذ أن هناك أمهات يعملن كمهندسات صامتات للعزلة.
يُبعدن الصديقات، يشوهن النيات، ويزرعن الخوف من الناس،ودوما يرددن العالم خطر… الناس يستغلونك… لا يوجد أحد يحبك مثلي.”
ومع الوقت، تبدأ الابنة بتصديق هذه الصورة السوداء لأنها لم تعرف نافذة أخرى تطل بها على الحياة أنها الحرب النفسية… بجرعات لا يلاحظها أحد الأم النرجسية لا تصرخ… لكنها تنقط السُم على شكل نصيحة، ملاحظة، أو مقارنة مثلا تردد عبارات “غيرك أحسن.”
“أحلامك كبيرة عليك.”
“لست مثل البنات.”
“لماذا لم تكوني مثل بنت عمك؟”
ومع كل جملة، تُسحب لبنة من جدار الثقة بالنفس… حتى ينهار.
وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا الام البيولوجية التي أنجبت وربت وتعبت كل هذا ما ابنتها والجواب لأنها ترى ما لا يريدون أن يُرى
فالأم النرجسية تحارب الابنة التي تُدرك،التي ترى خلف الأقنعة،
التي تلتقط التلاعب من نبرة صوت.
فالبصيرة في عالم الأم المبتزّة جريمة،فالابنة التي تكشف الحقيقة تصبح خطرًا على نظام السيطرة الذي بنته لسنوات.
ولذلك تبدأ سياسة التفرقة،فالتفرقة بين الأبناء… ليست عشوائية،فالأم النرجسية لا تفرّق بين أبنائها عبثًا.
هي تقيسهم بمقياس واحد من منهم يستطيع كشفها؟
من يُصفّق تُقرّبه،من يتردد تُحذّره ،أما من يرى بوضوح فتُشن عليه الحرب.
فتصبح الابنة الذكية المحسوبة العاقّة لقاسية، المخالِفة، لا لشيء إلا لأنها امتلكت بصيرة لا تُناسب مزاج الأم،
فتشويه العلاقات منهج لا خطأ عابر لأن الأم الحاقدة المبتزّة لا تسمح بأن تمتلك الابنة سندًا فالسند يعطيها قوة والقوة تُخيف الأم ،لذلك تعمل على تخريب كل علاقة تُحيط بالابنة تشوه صورتها أمام والدها ،تبث الشك في قلوب إخوتها الذكور،تدس الفتنة بين الأقارب ،تختلق روايات تجعل الابنة المذنبة دائمًا
والهدف من كل ذلك ليس حماية الأسرة بل عزل الابنة عن شبكة الأمان حتى تبقى هي المصدر الوحيد للأمان المسموم.
أن الأم النرجسية تدرك تمامًاإذا أحبّ الآخرون الابنة سيصدقونها.
وإذا صدقوها سيسقط قناعها وهذا ما لا تستطيع احتماله.
أن الأم النرجسية تخشى من الابنة القوية فلا شيء يزعزع الأم النرجسية مثل ابنة تتحول إلى امرأة واثقة، محتشمة بالكرامة، عالية البصيرة ،لأن هذه الابنة تملك سلاحين خطرين: رؤية الحقيقة… والقدرة على قولها،وهنا تبدأ الأم بمحاولة تحطيمها
تنتقد شكلها، تقلل من إنجازاتها، تسخر من أحلامها، وتقلل من قيمتها كامرأة.
أن قوة الابنة صفعة لضعف الأم الداخلي
أن مقالنا هذا مقاومة علنية لجحيم صامت تعانيه الكثيرات
نحن نكتب لنقول ليس كل ما يُقدّم باسم الحنان حبًا وليس كل ما يأتي من الأم رحمة.
فهناك أمومة سامّة… تذبح الروح ببطء.
وهناك بنات يحملن ندوبًا لا تُرى… لكنها تحترق كلما حاولن بناء علاقة جديدة أو ثقة جديدة.
أن من حق كل ابنة أن تشفى، أن تتحرر، أن تعيد بناء هويتها بعيدًا عن ظل أم لم ترَ فيها إلا امتدادًا لنرجسيتها.
نقول لتلك البنت وبصوت مرتفع أنت لست مذنبة أنت لست مبالغة.
أنت فقط نجوت من جحيم خلف ستار الحنان.
افكار بصوتٍ مرتفع


