الرئيسيةمقالاتأفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان…
مقالات

أفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان…

أفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان...

أفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان…

بقلم: زينب كاظم 

 

سنسلط الضوء في هذا المقال على موضوع موجع جدا إلا وهو عبودية البشر التي لا تنتهي مهما تطورنا ومهما تقدمت مجتمعاتنا بالتكنولوجيا لأن الموضوع شائك ويتعلق بالسياسة والحكومات الفاشلة وسيطرة ذوي النفوذ وخلو قلوب الناس من الرحمة والأنسانية بينهم ،فكلما رأينا عمالة الأطفال أو كبار سن يعملون بأعمال شاقة جدا التي تقصر أعمارهم وتصيبهم بالأمراض والحوادث أو كلما شاهدنا شبابا بعمر الورد تسلب حرياتهم فلا مواعيد طعامهم في أوقاتها ولا مواعيد نومهم تناسبهم من أجل مبالغ لا تسمن ولا تغني من جوع ،كل ذلك يشعرنا بالاسى ونستذكر عبودية الإنسان عبر الأزمان منذ زمن بناء الأهرامات والمعابد و البنايات الشاهقة بواسطة عمال يعملون ليل نهار ويحملون الصخور الثقيلة من أجل لقمة العيش .لذلك سنخاطب أصحاب الضمائر الحية ونقول لهم أيها السادة…

إننا نعيش في زمن يُقال إنه عصر الحرية، عصر الحقوق، عصر الإنسان المكرّم.

لكن الحقيقة المرّة التي يعرفها كل من حمل حجراً على ظهره، وكل من ألقى جسده المنهك تحت عجلة العمل القاسية هي أن العبودية لم تنته بل غيّرت ملامحها فحسب فعبودية الأمس كانت السلاسل واضحة لكن الظلم واضح أيضاً في زمنٍ مضى، كان العبد يُشترى ويُباع كما تباع الأواني وكانت الأوامر تُلقى عليه كما تُلقى الحجارة، وكان عليه أن ينحني، أن يصمت، أن يتلاشى،كان العبد يُساق إلى الجبال ليحمل الصخور، ليس لأنه قادر بل لأنه مملوك.أما اليوم؟فقد انتُزع السوط من يد السيّد، لكن رائحة السخرة لم تختفِ بل انتقلت إلى مصانع حديثة ومواقع بناء شاهقة ،ان العبودية الحديثة وجهٌ ناعم وقلبٌ أكثر قسوةاليوم يُقال للعامل(أنت حرّ)لكن أيّ حرية هذه التي تجبره أن يعمل حتى الانهيار؟أيّ حرية تضعه بين خيارين إما أن يقبل بالقليل أو يموت من القليل؟

ينام العامل وهو يفكر بالأجور الهزيلة، ويستيقظ وهو يحمل حجراً جديداً فوق روحه يعمل في الشمس، في العراء، في الغبار

يعمل تحت سقفٍ يقطر قهراً، وفي مصنعٍ يزداد ضجيجه كلما صمتت حقوق الإنسان.

الفرق بين الأمس واليوم مجرد ديكور لفظي فعبيد الأمس كانوا يعرفون أنهم عبيد أما عمّال اليوم، فالمجتمع يريد لهم أن يشكروا جلّاديهم لأنهم يمنحونهم فرصة عمل

يا لها من سخرية ويا لمهازل القدر! أن العبد القديم كان يحمل الصخور لأن سيده يأمره والعامل اليوم يحمل الصخور لأن الفقر يأمره العبد القديم كان بلا أجر والعامل اليوم بأجرٍ لا يكفي لشراء كرامته لعبد القديم كان مُلكاً لسيّده والعامل اليوم مُلكٌ لحاجته.

نعم… تغيّرت الأدوات، لكن القهر هو القهر فلم تعد هناك أسواق لبيع البشر (اسواق النخاسة)لكن هناك أسواق لاستنزاف البشرو لم تعد هناك قيود من حديد لكن هناك قيود من ديون ولم يعد هناك جلد بالسياط لكن هناك جلد بالضغط، بالقهر، بساعات عمل تسقط فيها الأجساد ولا يسقط الجشع نداءنا لكل من لازال يحمل الإنسانية في قلبه كفى …كفى خداعاً كفى تزويقاً للظلم كفى صنع عبودية جديدة بطلاء حديث فمن يحمل ثقلاً ليس عبداً فقط عندما يكون مربوطاً بالسلاسل بل عندما يكون مربوطاً بالحاجة، بالوجع، بالراتب الذي لا يكفي ليحفظ للبشر بشريتهم.

واخيرا وليس اخرا الإنسان يحمل الكون ولم يعد يحتمل حجراً آخر أيها العالم، أعطوا الإنسان ما يستحقه لا تجعلوه يرفع البنيان بينما تنهار روحه لا تجعلوا المدن تلمع على حساب قلوب تُطفئها المعاناة و لا تجعلوا الحياة شركةً كبرى لا تعترف إلا بالأرباح، بينما أكبر خسائرها هي الإنسان نفسه فالكرامة ليست رفاهية والعدالة ليست خياراً والعمل ليس سُخرة إلا إذا سمحنا له أن يكون كذلك.

بعد كل ذلك المقال الذي يحمل الحزن والدموع بين سطوره هل ستكون تلك الكلمات صرخة بوجه الظلم والاستعباد .

للأسف بين عبودية الأمس وسخرة اليوم صخور تتبدل وأوجاع لا تتغير انت، هذه كلماتنا خطاب في وجه العبودية الحديثة .

أفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان…

أفكار بصوت مرتفع: سخرة الإنسان...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *