الرئيسيةمقالاتالإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة
مقالات

الإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة

الإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة

الإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة

 محمد الدكـــروري

الحمد لله ذي العظمة والكبرياء ذلت لعظمته أنوف العظماء ودانت جبروته الملوك والرؤساء أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من نازعه الكبر صيره من الأذلاء ومن تواضع لأجله أنزله منازل السعداء، أشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله سيد المتواضعين يكره يبغض الجبابرة المبتكرين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية التربوية والتعليمية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن صفات النفس البشرية، ومنها النفس اللوامة، حيث يقول تعالى ” لا أقسم بيوم القيامة ولا اقسم بالنفس اللوامة ” وقال الحسن البصري في هذه الآية “إن المؤمن والله ما نراه إلا يلوم نفسه يقول ما أردت بكلمتي؟ ما أردت أكلتي؟ ما أردت بحديث نفسي؟

وأما الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه ” فهذه النفس اللوامة المتيقظة التقية الخائفة المتوجسة التي تحاسب نفسها وتلفت حولها وتبين حقيقة هواها وتحذر خداع ذاتها هى النفس الكريمة على الله تعالي حتى يذكرها مع القيامة، ثم هي الصورة المقابلة للنفس الفاجرة وهي نفس الإنسان الذي يريد أن يفجر ويمضي قدما في الفجور والذي يكذب ويتولى ويذهب إلى أهله يتمطى دون حساب لنفسه ودون تلوم أو مبالاة، ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والذي ينبغي أن يذكره كل مسلم صباحا ومساء قبل أن يأوي إلى فراشه يستشعر دائما شر نفسه ” أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه ” رواه أحمد، فطلب المعونة للوقوف أمام نفسه هو أول ما يلجأ إلى الله تعالي، وإذا ما إستمر الإنسان على الإلتزام بهذه الصفة وهي صفة اللوم لنفسه.

فإنها توصله إلى صفة أخرى كنتيجة طبيعية التزامه بصفة اللوم ألا وهي الطمأنينة، حيث أن من أنواع النفس هي النفس المطمئنة، حيث قال الله تعالى ” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية ادخلي في عبادي وادخلي جنتي ” ويقول الإمام القرطبي النفس المطمئنة هي الساكنة الموقنة التي أيقنت أنه الله ربها فأخبتت لذلك، قاله مجاهد وغيره، وهذه النفس هي المطمئنة في السراء والضراء وفي البسط والقبض وفي المنع والعطاء فلا ترتاب ولا تنحرف ولا تتلجلج في الطريق، ولاترتاع في يوم الهول الرعب، وأنى يكون لها تلك الصفات لولا المحاسبة الدائمة لكل لفظة أو خطره أو لحظة أو خطوة؟ فإن هذا اللوم الدائم يعدل من مسارها حتى تستقر على الصراط المستقيم فلا تؤثر فيها رياح الفتنة وزينة الدنيا، وشدة البلاء، وتسويل الشيطان.

فإنها تهز بذلك كله بطمأنينة المؤمن الموقن بقدر الله تعالى واستسلم لإرادته عز وجل، وبالعودة إلى منهج القرآن في التعامل مع حادثة الإفك، وهي قضية حساسة نواجه مثلها كثيرا في حياتنا، فحين نتأمل سورة النور نجد أن معالجة القرآن تركزت في المقام الأول على تفاعل الناس مع الإشاعة وليس على مضمون الإشاعة، فلم يكن الجزء الأكبر من المعالجة القرآنية هو نفي وقوع الحادثة، ونحن نعلم يقينا أنها فك وافتراء على أمتنا الطاهرة المطهرة بنت الصديق رضي الله عنها لكن أولوية القرآن كانت هي تحذير الناس من مجرد الخوض في مثل هذه الشائعات مستقبلا، حيث قال الله عز وجل ” إذ تلقونه ألسنتكم ويقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم” ويقول الله عز وجل ناهيا عن هذا الفعل الشنيع وهو الكذب وافتراء في قوله تعالي ” يعظم الله أن تعودوا لمثله أبدا”

وذلك لأن إشاعة الحديث عن الفاحشة هو أخطر من الفاحشة ذاتها، على افتراض أنها وقعت، فلو ضعفت نفس إنسان وعصى الله في السر، فإنه يبوء بإثمه وحده، بينما تبقى الصورة العامة للمجتمع ناصعة مشرقة باعثة للأمل، أما تلقي الناس لمثل هذه الأحاديث بألسنتهم وتداولها في مجالسهم، فإن ضرره يطول المجتمع بأسره وذلك لأنه يهيئ الأجواء للمزيد من الانحرافات، إذ تتعزز الأخيلة و الخواطر المريضة التي تزين لصاحبها البحث عن الحرام، كما أن هذا الحديث يعدم ثقة الناس بعضهم ببعض، ويعزز الريبة والشك، ويقتل مشاعر الحب والخير في نفوسهم، مما يؤدي بالمجتمع إلى الهلاك.

الإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة

الإنسان ما بين النفس اللوامة و المطمئنة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *