بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية حديث من مشكاة النبي صلى الله عليه وسلم، دلنا فيه على خلق عظيم، وصفة كريمة جليلة، وهو برهان على كمال الإيمان وحقيقته، تحلى بها الأنبياء والصالحون، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتي يحب للناس ما يحب لنفسه ” إنه دين الإسلام، إنه دين شرعه الله عز وجل، وإنها الشريعة المحمدية التي جاءت للناس كافة، حيث ربط كمال الإيمان وحقيقته بحب الخير للناس كافة وليس لأهلك ولا لأقاربك ولا للمسلمين بل للناس كل الناس، فأي شريعة أو تشريع.
يحث على مثل هذا الخلق العظيم، ويأمر بهذا الأدب في التعامل مع الناس، فما أعظمه من أدب وأجله من خلق حيث يتعامل المسلم مع الناس وكأنهم نفسه، فكم هي نعمة عظمى وكم هي منحة وعطية كبرى أن جعلك الله تعالى من أمة رسوله ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم وأنك كنت ممن اصطفاهم الله على سائر خلقه بالانتساب إلى أمة هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فيقول الله تعالى في وصف عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ” وإنك لعلي خلق عظيم ” فهذه أعظم شهادة لأعظم رسول بأن كل أخلاقه صلى الله عليه وسلم عظيمة وأن كل تصرفاته سديدة وأن كل أحكامه عادلة، ويوم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أعداؤه إن رب محمد قد قلاه، فأنزل الله قرآنا يتلى، دفاعا عن رسوله صلى الله عليه وسلم وبيانا لمنزلته عند ربه.
فقال الله وقوله الحق ” والضحي والليل إذا سجي ما ودعك ربك وما قلي” فهو صلى الله عليه وسلم الذي أظهر الله على يديه المعجزات ففلق له القمر وكلمته الحيوانات وسبح الطعام بين يديه وسلم عليه الحجر والشجر وتكاثر له الطعام ونبع الماء من بين أصابعه فهو صلى الله عليه وسلم قد رفع الله له ذكره وأعلا شأنه فقال الله تعالى ” ورفعنا لك ذكرك ” وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله” ولقد أغاث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عمرو بن سالم الخزاعي لما جاءه ملهوفا يستغيث به أن قريشا خانوا العهد ونقضوا الميثاق، وكان مما قال عمرو بن سالم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نُصرت يا عمرو بن سالم” وكان صلى الله عليه وسلم يبين لأصحابه أن إغاثة ذي الحاجة الملهوف.
من أكرم الأعمال وأجل القربات وصدقة من الصدقات، وجعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه إغاثة الملهوف من حق الطريق، وعن عبد الله بن الحسن بن الحسين رضي الله تعالى عنهم قال أتيت باب عمر بن عبد العزيز في حاجة، فقال إذا كانت لك حاجة إليّ فأرسل إليّ رسولا أو اكتب لي كتابا فإني لأستحي من الله أن يراك ببابي، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال والذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلبا سرورا إلا خلق الله تعالى من ذلك السرور لطفا، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبة الإبل، وقال لجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما يا جابر، من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس إليه، فإن قام بما يجب لله فيها عرضها للدوام والبقاء، وإن لم يقم فيها بما يجب لله عرضها للزوال.
فعليكم بالإنسانية والرفق واللين والرحمة بجميع فئات المجتمع، الآباء والصبيان والأرامل والعجزة والأجراء وغير ذلك، فإننا نرى في النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الإنسان الحاني الرحيم، الذي لا تفلت من قلبه الذكي شاردة من آلام الناس وآمالهم إلا لباها و رعاها، وأعطاها من ذات نفسه كل اهتمام وتأييد، نرى فيه الإنسان الذي يكتب إلى ملوك الأرض طالبا إليهم أن ينبذوا غرورهم الباطل، ثم يصغي في حفاوة ورضى إلى أعرابي حافي القدمين يقول في جهالة “اعدل يا محمد، فليس المال مالك، ولا مال أبيك ” نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب
العالمين.

