الاعتياد فيه سم قاتل
✍️ احمد صالح
🇪🇬 مصر 🇪🇬
الاعتياد البطىء الناعم المستمر
هو أصعب من التعلق والحب والإدمان
بل ربما هو نوع من الإدمان طويل المدى
حين يدمن الشخص عافانا الله مادة مخدرة فهو يعلم أنه أسيرها
يكرهها ويتمنى أن يتخلص منها
ولكن
ماذا إذا إعتاد الانسان مالا يُرى ولا يُدرك
اعتاد الروح
الصوت
الحضور
الرائحة
حتى أنه قد يعتاد الأذى
عجيب المخ البشرى
يحب أن يرسم خططا زمنية طويلة المدى ليطمئن نفسه
يرسل إشارات مفادها
استميت فى الحفاظ على هذا الشىء/ الشخص لنستمر فى الحصول على الأمان
لنظل فى المربع المريح
أنا أحميك يا هذا لا تقاوم
وحين تفقد روتينك الذى أوهمك عقلك بأنه أمانك
إما غصبا أو طواعية
يُحدث عقلك زلزالا مدويا
يشعرك بأن العالم قد انتهى وها أنت على مشارف الهاوية
لا محيص
فيتآمر عليك هو وباقى جسدك فى لؤم مقيت
تجد أحشاءك تتمزق بلا سبب
يذهب عنك النوم مهما عزمت إليه سبيلا
تجد نفسك شاحبًا تائها ضائعًا
تسقط فى هوة سحيقة من علامات الاستفهام والأماكن الفارغة المهجورة فى روحك
لماذا كل هذا الألم
ماذا أفعل ليتوقف
وهنا ترى نظرة الزهو على قسمات عقلك
وتجد الإجابة مُعَدة تماما فى انتظار تلك اللحظة
فيصرخ بصوت جهورى
“عُد لمصدر سعادتك . لما اعتدت عليه
لا..لا أريد أن أعود
ليس مصدر أمانى بل كان سببا فى الأذى
أتتحدانى أتزعم أنك أعلم منى
آمرك أن تعود
لن أعود . لقد اتخذت قرارى
فتتغير نبرة العقل ويبدأ فى الاستجداء
أرجوك تراجع
أنا خائف
أتضور جوعا لهرمونات السعادة التى اعتدتها
أرجوك اعدل عن قرارك أنا لا أتحمل كل هذا الألم
وتصبح هذه اللحظة الحاسمة هى نقطة التحول فى القصة
إما الرضوخ والعودة والتحول لعبد أسير لسعادة وأمان زائف والتمسك به مهما تسبب من أذى
أو الصمود وصم الآذان عن صرخات العقل
حتى يفيق
ويجد مصدرا بديلا نظيفا للطاقة والأمان
فى ظنى
كسر حلقة الاعتياد هى من أكثر معارك البشر ضراوة
قبلها الجميع أسرى
بعدها تسطع شمس الحرية على العقول والنفوس
لتطهر آثار العطن والتضليل الذى يحدثه الاعتياد
ولكن تبقى التجربة والخطأ هما السبيل الوحيد للتعلم وتراكم الخبرات
وكلما كان العقل عنيدًا
كلما زادت حدة الصراع حتى تبلغ النفس مبلغًا كافيا من الوعى الذاتى والإدراك المستنير
وتبلغ الروح مبلغ الحرية التى خلقها الله وكرمها بها
الاعتياد فيه سم قاتل


