الرئيسيةمقالاتيمنح المحروم ويعين على نوائب الدهر
مقالات

يمنح المحروم ويعين على نوائب الدهر

يمنح المحروم ويعين على نوائب الدهر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين من ربه عز وجل فصلوات الله وسلامه عليه أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من كل ضلالة تهوي بصاحبها إلى النار، وقد ذكرت المصادر الإسلامية أن هناك رجل بمائة رجل وهو يسمى بالرجل المائة وهو يكسب المعدوم ويمنح المحروم ويعين على نوائب الدهر، فيده بالخير ممتدة.

ونفسه بالعطايا جد معتدة، فكفه لا تعرف الكف عن الجود بما تجد في الرخاء والشدة، يمنح دون أن يجرح ويعطي دون أن يخطئ، ويبذل دون أن يُذل، فماله ليس له وإن كان القلب ميّال إلى المال، وممتلكاته أقرب ما تكون لغيره بالرغم من تعلق النفس بما هو نفيس وغالي، فهو يقرض من يطلبه ويداين من يسأله، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يقرض قرضا مرتين، إلا كان كصدقتها مرة” وكان يخدم عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى شاب يقوم بحوائجه ويسمع الحديث منه، ففقده مرة ولم يره، فسأل عنه فقالوا محبوس على عشرة الآف درهم، فإستدل ابن المبارك على الغريم ووزن له عشرة الآف، وحلفه ألا يخبر أحدا ما عاش، فأُخرج الرجل من السجن، فجاء الفتى إلى ابن المبارك فقال له أين كنت يافتى فإني لم أرك ؟

قال يا أبا عبد الرحمن كنت محبوسا بدين، قال وكيف خلصت ؟ قال جاء رجل فقضى ديني ولم أدري عنه أو أعرفه، قال ابن المبارك فاحمد الله تعالى، فلك الله يا عبد الله بن المبارك، لم يعرف عنك الرجل لكن رب الرجل يعرفك وحسبك بربك عليما خبيرا، وهو ينظر المعسر إلى حين يثري ويويسر، حيث قال تعالى “وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم ” وعن بريدة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه صدقة ” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كان رجل يداين الناس، فكن يقول لفتاه إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه ” وربما يحط من الدين جزأ، ويضع عنه بعضه.

فلعل الله تعالى أن يحط عنه من وزره، يوم بعثه ونشره، فعن أبي قتادة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة” وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه ” فقيل رجلا سكن بحي أهله متفرقون، لا يجتمعون فأهل الصلاة منهم وهم صفوتهم لا يتعارفون ولا يلتقون فأتخذ من المسجد منطلق دعوته فدعاهم إليه ورغبهم في الإجتماع فيه، فأجابوا النداء وحضروا اللقاء، فالتقت قلوبهم وإمتزجت نفوسهم وتعانقت أرواحهم وإتحدت في الخير وجهتهم، وقال تعالى ” وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم” فغدوا يلتقون كل شهر، بل كل أسبوع.

على حفظ كتاب الله تعالى ومدارسته وعلى تعلم سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما هي إلا أشهر معدودة حتى عاد الحي كأنما هو خلية نحل ترابط وتعارف وتعاون وتآلف ومشاركة وتكاتف ومحبة ومودة وكذلك يفعل الرجل المبارك وقال ابن المتكدر رحمه الله تعالى إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده، وولد ولده والدويرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر، ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا بذلك ربنا، فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

يمنح المحروم ويعين على نوائب الدهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *