أفكار بصوت مرتفع
زينب كاظم
سنتحدث في هذا المقال على موضوع مهم جدا وملامس للواقع ولنفسية الناس ولربما تناولناه في مقالاتنا كثيرا الا وهو موضوع اختلاف الأعمار او بمعنى أصح التقدم في السن والسؤال هنا يطرح نفسه هل التقدم بالسن جريمة يحاسب عليها المجتمع ؟والسبب لهذا السؤال لربما ان الناس في الواقع يتحاشون التهجم على بعض او ايذاء بعض اقل مما هم في الأنترنيت لربما خشية من ردة الفعل لذلك دوما نتابع تعليقات الناس عندما تنشر صورة لمشهور او لشخصية عادية لربما تلك الصورة له اثناء رحلة او لأن الصورة تحمل اطلالة او هندام معين أراد ان يشاركها مع الناس فتنهال التعليقات التي كالسهام( كبرت يا حاج أو يا حاجة عيب )والعيب ما يفعله هؤلاء في الأخرين من تدمير نفسية لأن الحياة ليست حكرا لأحد او لفئة عمرية محددة فطالما هناك قلب ونبض اذا هنا رغبة بالحب وبالحياة عموما .
لكن أكثر من يتعرض للهجوم والسخرية والتنمر على وسائل التواصل هي المرأة ودوما تتأثر نفسيتها بهذا الموضوع الحساس كون المرأة كائن حساس وتحب انوثتها فالمرأة ومنذ صغرها تحب ان تلفت النظر بجمال طلتها والدليل على ذلك احيانا نرى طفلة ترتدي حذاء والدتها ذي الكعب العالي وتضع مستحضرات تجميل واحمر شفاه من مقتنيات امها ايضا ونرى هذه الفطرة منذ الصغر وحتى بعد ان تكبر وتفرح بكلمات الأطراء التي تمدح طلتها وشكلها وجمالها فلا يكون ديدنك جرح انوثتها دوما بكلمة تخدش خاطرها او تسئ لها مثل كلمة (عجوز ) فهذه الكلمة قاسية ومشتقة من العجز وتجرح أي انسان فكيف الحال اذا كان هذا الأنسان انثى وتظل هذه الكلمات تسيء لروحها مهما كان عمرها او وضعها الأجتماعي لأنها فطرت على حب نفسها وانوثتها ،فلا تقول حتى لوالدتك او اختك او زوجتك هذا لا يليق بك لأنك كبرت بل قل هذا الفستان ارتديه في مناسبة اخرى وارتدي شيء مناسب اخر لأن ضغوط الحياة والعطاء والتفاني والتضحية والحمل والانجاب كلها تقع على عاتق المرأة فلا تثقلها اكثر بالكلمات الجارحة .
واحيانا ينشر الأنسان او المرأة خصوصا امورا رومانسية لأن حياتنا بالواقع نادرا ما نجد فيها حبا صادقا الا من هو محظوظ او عرف يختار صح ، ودوما ايقاع الحياة السريع يشغلنا عن الحب فنجد مرفئ الأمان بالنشر الذي يحمل شعرا أو اغنية أو خاطرة فيتهم الأنسان عموما او المرأة خصوصا بالتصابي ونحن نقول ان الحب ليس حكرا للشباب فقط ؟لا بل هو هبة الله لكل الناس بل لكل مخلوق على وجه الأرض ولا يوجد من يأخذ عمره وعمر غيره كما يدعي أصحاب النفوس المريضة فالحياة أوسع منا جميعا وكل واحد فينا يسعد من غير ان ينقص من سعادة غيره شيء بل بالعكس كل شيء في الكون ينقص كلما اخذنا منه الا الحب والسعادة يزيدان بالمشاركة فالحب ليس رياضيات واحد زائد واحد يساوي اثنين بل في قانون الحب واحد زائد واحد يساوي واحد اي الاثنان ينصهران تحت بوتقة واحدة اسمها الحب .
و اننا دوما نكتب عن ذلك بناء على طلب الكثير من السيدات لأن هذا الموضوع يجرحهن جدا فمثلا كتبت مقالات عن المرأة وعمرها ومظهرها ونفسيتها وتأثير الكلام عليها وعلى كل انسان حساس والمقالات كلها تندرج تحت مانشيت عام (اسمه أفكار بصوت مرتفع) والعناوين الثانوية مختلفة مثل ((خالة وعمو )القاب هدامة) ،وحرية المرأة ،والحب ليس له تأريخ صلاحية والكثير الكثير من المقالات التي تخص احساس الناس وردود افعالهم تجاه من ينتقص من شكلهم الخارجي الذي يتغير بمرور الزمن وللعلم كل انسان يتأثر من ذلك الكلام بصورة نسبية وليست مطلقا اي يتحسس حسب درجة وعيه وحسه المرهف ورقة قلبه فهناك من يتأثر جدا بداخله وهناك من لا يتأثر كثيرا .
وهذا لا يعني الا يعترف الناس بسنهم لا بالعكس فالسنين الطويلة من العمر تدل على غزارة العطاء وكل خط تجاعيد على الوجه هو يحكي قصة كفاح يفتخر فيها من دراسة وزواج وتربية لذلك يجب ان يفهم ذوي التفكير المعاق والأخلاق الوضيعة ان التقدم بالعمر ليس جريمة وكلنا سنكبر يوما ما لكن بفارق زمني فقط .
لكن في علم النفس ان الأنسان يرى من يكبره بأكثر من خمسة عشرة عاما شيخا مسنا وفي هذه الحالة فقط يجب ان ننادي الأنسان بألقاب مختلفة حسب الظروف والمواقف ومواقع الناس اما على وسائل التواصل فيجب ان تختفي الكلمات الجارحة مثل (خالتنا ،عمر نوح ، تيتة ،بيبي ،حبوبة ،عجوز )فهذه الكلمات كالسهام في صدور الناس وقانون الكارما موجود وكما تدين تدان وهذا قانون الدوران في الحياة .
وهنا لا يعني الا يحترم الانسان سنه اطلاقا بل هناك هيبة للعمر يجب احترامها فمثلا هناك كبيرات بالسن يرقصن او يطربن على أغاني او يصورن مشاهد غير لائقة وينشرنها على التطبيقات المختلفة للأنترنيت ففي هذه الحالة فقط وهذه الفئة بالذات لا تستحق الاحترام لأنهن بكل بساطة لم يحترمن خصوصيتهن وسنهن فلا ينتظرن من الناس الاحترام بل المجتمع متنوع الثقافة والمشارب فلا يتفاجئن بالتهجم الذي يطالهن يقول الأمام علي عليه السلام (رحم الله امرء جب الغيبة عن نفسه )،ويقول ايضا (من وضع نفسه موضع تهمة فلا يلومن من أساء الظن به )ومن حق اي انسان يعيش لحظاته السعيدة ويتأثر بأغنية ما او ينوع اطلالاته او يفرح او يغني احيانا ومن ثم يضحك من بشاعة صوته لكن ليس امام الملأ وعلى وسائل التواصل.
أما عن تجربتي الشخصية فأنا انسانة معطاءة واتحدى الم الحياة وصفعاتها واقابلها بابتسامة وضحكة صافية لأنها مستمرة أبكي الما من ضرباتها المبرحة ومن ثم ابتسم وفي داخلي ثورة ضد واقعي وانفس عن طاقاتي بالكتابة والعطاء الزاخر والايجابية ولا اصدر للناس السلبية واعرف موقعي بأني صحفية ويجب ان احقن الناس بالتفاؤل وسط كل المعاناة التي يعيشها الجميع اذا روحي فتية وشبابي متجدد ومن حقي ان انشر وأكتب عن الحب والحياة والكثير من الناس الذين اثروا البشرية معلوماتا وعطاء عاشوا شبابا وماتوا شبابا رغم انهم كبروا عمرا اذن الانسان المعطاء الصبور العمر بالنسبة له مجرد رقم فقط ،ويجب ان نوضح ان الانسان عموما كلما كبر احتاج للحب أكثر كونه بدأ يكمل رسالته بالحياة من دراسته الى زواجه الى انجابه الى مشاقه لذلك في البداية اندفاع الشباب يأخذه وقصص الحب ومغامراته فيها تشغله اما عند النضوج والكبر فقد يضعف بصره لكن تتقوى بصيرته وتتراجع صحته وقوته وتقوى عاطفته وتزداد رقته لذلك يجب الا نضع سكاكيننا على رقاب الناس بحجة انهم كبروا فالكبر ليس عيبا اطلاقا ..
نسأل الله العمر الطويل للجميع والسعادة الأبدية والحب النقي ….