الرئيسيةمقالاتإلتزام القناعة والإكتفاء بالكافي
مقالات

إلتزام القناعة والإكتفاء بالكافي

إلتزام القناعة والإكتفاء بالكافي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على إمتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلّ اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد، اعلموا أن من المساوئ والآثار الضارة للطمع على المستويين الفرد والمجتمع كثيرة ومنها للفرد الشقاء في الدنيا، لما يقاسيه ويعانيه من الجهود الفكرية والعضلية وتبديد هذه الطاقات لإشباع نهمه وطعمه الذي لا يقف عند حد، وكذا الشقاء في الآخرة، لما ينتظره من المصير الى شديد العقاب، وإذهاب الورع وهو الحصانة التي يتمتع بها الفرد من التقحم في المعاصي والمهلكات والشبهات، وأيضا إفساد الفرد، وذلك بهدم مقومات شخصيته وإتلافها، من دين وخلق ومروءة وغيرها، وكذلك ذهاب العقل، الذي بواسطته يتثنى للإنسان أن يرقى مدارج الكمال.

وإفساد العالم، وذلك بإذهاب الحكمة عنه، وإبعاده عن دوره العظيم في هداية المجتمع وتوعيته، ويؤدي هذا بدوره الى فساد الناس وإنحرافهم وتلف دينهم، والإفتقار، وذلك بجعل صاحبه دوما يعيش حالة الإفتقار والحاجة الى ما يطمع بالحصول عليه، ولما لم يكن الطماع يقف عند حد في طمعه فهو يعيش مستشعرا ومعانيا من حالة الفقر دائما لاهفا وراء أشباع مطامعه التي لا تنتهي الى حد، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “إياك والطمع فانه الفقر الحاضر” رواه الحاكم، وكما أن من المساوئ والآثار الضارة للطمع هو الإذلال في الدنيا والآخرة، وأما في الدنيا، لما يعتريه من حالة الذل عند السعي وراء مطمعه، وفي الآخرة، لما اعدّ له من عذاب الهون فيها، والإسترقاق، بحيث يصبح الطماع عبدا مطيعا لطمعه ورقا له، فيكون الطمع بمثابة السيد والمالك.

والطمّاع بمثابة العبد والرق له، وكما أن من المساوئ والآثار الضارة للطمع هو الإزدراء والإحتقار، فعادة ما يوقع الطمع صاحبه بإنتهاكات لحقوق الناس، فيكون نصيبه في ذلك، أن يكون محلا لإزدرائهم وإحتقارهم وشتمهم فيدنس بذلك عرضه، وأيضا الذهاب بالعلم، فمتى ما إستسلم العالم لطعمه وإنقاد له، وأورده ما يحذر منه من المحظورات، حرمه الله تعالى من فيوضات نعمة العلم وسلبها منه، وكما أن من المساوئ والآثار الضارة للطمع هو إحباط الاعمال الحسنة، ومحوها من ديوان الحسنات، وإقحام صاحبه في إرتكاب انواع المعاصي، وأما عن الآثار الضارة للطمع على المجتمع، فان أهم ما يمكن اثباته من الآثار والمساوي للطمع على المجتمع، هو إنتشار الدعاوي والخصومات، والتي ربما ينجر بعضها الى سفك الدماء وإضمحلال وفقدان القيم والاخلاق.

والاصول والأعراف الخيرة، القائمة على أساس البذل والإيثار والتضحية والقعود بالطاقات البشرية للمجتمع وتسييرها نحو الهدم دون البناء، مما يؤدي الى تأخر المجتمع في مختلف الميادين الحياتية المهمة، وتفكك المجتمع وتضعضع وحدته، التي هي من أهم عناصر قوته التي توفر له الحماية والامن من أعدائه، وكما أن من المساوئ والآثار الضارة للطمع هو الظلم والإضطهاد، وعندما يكون المبتلون بهذه الرذيلة هم أصحاب النفوذ من الرؤساء والأمراء وغيرهم، فيستخدم هؤلاء ما تمتعوا به من سلطان في قهر الناس وظلمهم من أجل الحصول على مطامعهم، واعلموا أن من أهم الأمور التي يمكن إلتزامها للتخلص من هذه الآفة على النفس هي أن يكون علاج داء الطمع في النزاهة، وفي الترفع عن المطامع الدنية، أي رفع الهمة عن الخلق وعدم الذل لهم.

فعلاج الطمع في القناعة والزهد، ففي القناعة رضى تسكن به النفس وتستريح، ودواؤه في الإستعلاء على كل ما يذلّ، وأن يعلم كل واحد منا متيقنا ومعتقدا أن الدنيا ليست بدار قرار وأن الآخرة هي دار القرار، والعاقل من يعمل لدار قراره لا لمراحل سفره، ومن أسباب علاج الطمع هو رفع مستوى الوعي العلمي في جوانب التشريع المختلفة، من فقه وعقائد وأخلاق وأصول، فاللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *