المقالات

إياكم و إيذاء الناس

جريدة موطنى

 إياكم وإيذاء الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، إن الإخلاص والصدق فيهما حكمة عظيمة وهي أن يعلم الناس أن رفعةَ الدرجات عند الله إنما هي بالإخلاص وصدق الرغبة في العمل وإن قلّ، لا بالكثرة منه والتعمق فيه، فكم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، وكم من صائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وأن الإحسان، هو ليس أعلى المقامات، وهو أن تكثر العمل، وإنما “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك” ثم ختم عتابهم بأشد ما يكون من الزجر إذ تبرأ من المتنطعين الذين رغبوا عن سنته، ونكبوا عن محجته، ولا يزيغ عنها إلا هالك، وإن إيذاء المسلمين أمر خطير يغيب عن معظم الناس اليوم.

ويكاد يكون فقه كف الأذى غائبا عند عدد لا بأس به من الناس، ولكن الحمد لله أن أكثر أهل هذه الأمة يعملون بمبدأ كف الأذى وما يزالون على الفطرة وعلى المحجّة البيضاء التي تركهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلاحظ أيضا في الحديث، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال “الناس” ولم يقل المسلمين، ويدل هذا على أن المسلم في تعامله بالمبادئ الإسلامية، التي رأسها الأخلاق الكريمة، لا يفرق في تعامله بين مسلم وغير مسلم، فضلا عن اعتبارات وفوارق أخر تكون بينه وبين خلق الله، من اختلاف في الانتماء، أو في المال والجاه، وفي حديث آخر يوجه عليه الصلاة والسلام، الخطاب إلى من لم يتقيد ويلتزم بذاك التعريف قائلا من على رأس المنبر بصوت رفيع عالي. 

“يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضي الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيّروهم ولا تتبعوا عوراتهم ولا تطلبوا عثراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته” فلن يبلغ المرء درجة الإسلام، لا أقول الإيمان، حتى يكف أسباب الأذى المعنوية والحسية عن الناس، فضلا عن المسلمين منهم، وإلا كان كالشيطان مصدرا للشرور والبلايا، يستعاذ بالله منه كما يستعاذ من الشيطان، فشر الخلق هو من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، كما جاء ذلك في الأثر، أما خير الخلق فهو عكس ذلك تماما، أو على الأقل إذا لم يأتك منه خير، فلن يأتيك منه شر إطلاقا، وحتى مع هذه المنزلة الدنيا الضعيفة، فإن الله تعالى لكرمه العظيم يثيب عليها، كما جاء في الحديث الشريف. 

“يمسك عن الشر فإنها صدقة” ما أروع وأبدع قول الشاعر حينما قال إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل واللؤم اسم جامع لكل رذيلة وشر، وإن التقصير في هذا الباب عظيم لا يمكن تداركه في الآخرة فينبغي للمؤمن أن يكون ورعا حريصا على أن لا يلقى الله وقد آذى مسلما وعرض نفسه للخطر وأذهب حسناته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال صلى الله عليه وسلم إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار” رواه مسلم.

إياكم و إيذاء الناس

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار