الأسرة حجر الأساس الغائب في معادلة التعليم
بقلم : عماد نويجي
لم يعد التعليم اليوم كما كان بالأمس، ولم تعد المدرسة هي المصدر الأوحد للمعرفة والتربية. فوسط زحام التكنولوجيا وتشتت القيم وضغوط المعيشة، أصبح التلميذ يعيش بين عالمين متوازيين: بيت غائب ومدرسة مُنهكة. وبين الغياب و الإنهاك، يتوه الهدف وتضيع الرسالة.
الأسرة ليست متفرجا في المدرجات تنتظر نتائج أبنائها، بل شريكا فاعلا في صناعة وعي الطفل وتشكيل سلوكه. فحين يتعامل ولي الأمر مع المدرسة وكأنها “مركز خدمة تعليمية” مهمته الوحيدة تحصيل الدرجات، فإننا بذلك نهدم الجسر الذي يربط بين التربية والتعليم.
ما يحتاجه الطفل اليوم ليس معلما فقط، بل بيئة متكاملة يتكامل فيها دور البيت مع دور المدرسة. يحتاج إلى أبٍ يقرأ معه لا أن يوبخ على درجاته، وأم تشجعه على السؤال لا أن تُخيفه من الخطأ. يحتاج إلى قدوة، لا إلى أوامر.
المشكلة الحقيقية ليست في المناهج وحدها، بل في غياب الوعي التربوي داخل كثير من الأسر. فكيف نطالب طفلا بالانضباط، وأبوه لا يحترم مواعيد المدرسة؟ وكيف نطلب منه احترام المعلم، وهو يسمع والده يسخر من المدرسين؟ التربية تبدأ من نبرة الصوت في البيت قبل أن تبدأ من السبورة في الفصل.
إصلاح التعليم لا يكتب في ورقة خطة، بل يزرع في سلوك يومي داخل البيت.
من هنا يجب أن تبدأ الدولة حملات توعية جادة، لا ندوات شكلية، تعيد للأسرة دورها الحقيقي. فليس المطلوب أن نملأ القاعات و محاضرات نظرية، بل أن نفتح حوارا حقيقيا بين الأسرة والمدرسة، تبنى عليه الثقة والمسؤولية المشتركة.
حين تدرك الأسرة أن دورها لا ينتهي عند باب المدرسة، وأن التربية ليست وظيفة الآخرين، سيتغير كل شيء.
عندها فقط سنرى طفلا يتعلم لا لينجح في امتحان، بل لينجح في الحياة…
نستعيد معنى التعليم الذي فقدناه حين نسينا أن أول مدرسة في حياة الإنسان كانت بيت
الأسرة حجر الأساس الغائب في معادلة التعليم

