الدكروري يكتب عن الأعمال الصالحة تبارك في العمر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله بارئ النسم، ومحيي الرمم، ومجزل القسم، مبدع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينا رضيّا، ونورا مضيّا، أحمده وقد أسبغ البر الجزيل، وأسبل الستر الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ عبد آمن بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه صلاة وسلاما دائمين ممتدين إلى يوم الدين أما بعد إن من فضل الله تعالي على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات، وقد جاء في الحديث الذي أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال.
” اطلبوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة ربكم، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، فاسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمّن روعاتكم” وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدا ” فإن أعمار هذه الأمة هي أقصر أعمارا من الأمم السابقة، فقال صلى الله عليه وسلم ” أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ” رواه الترمذي وابن ماجة، ولكن الله بمنه وكرمه عوضها بأن جعل لها كثيرا من الأعمال الصالحة التي تبارك في العمر، فكأن من عملها رزق عمرا طويلا، ومن ذلك ليلة القدر التي قال الله فيها “ليلة القدر خير من ألف شهر” وقال الرازي ” اعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله نيفا وثمانين سنة، ومن أحياها كل سنة فكأنما رزق أعمارا كثيرة ”
ومن الأعمال المباركة أيضا التي يتضاعف فيها الأجر على قلة العمل الصلاة حيث فرضت علينا خمس فى العمل وخمسين فى الأجر والثواب، ومن الأوقات المباركة أيضا هذه العشر التي ورد في فضلها آيات أحاديث فها نحن نعيش في هذه الأيام مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات فهى مواسم الصلاح التي يُضاعف للمؤمنين فيها من الأجور والأرباح، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية أمة العمل القليل والأجر الكبير والفضل العظيم، وقد أخرج البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجيرا، فقال من يعمل لي غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى.
ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا أكثر عملا وأقل أجرا؟ قال هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ قالوا لا، قال ذلك فضلي أوتيه من أشاء ” وإن إدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على عبده، لأنه يدرك موسما من مواسم الطاعة التي تكون عونا للمسلم بتوفيق الله، على تحصيل الثواب واغتنام الأجر، فعل المسلم أن يستشعر هذه النعمة، ويستحضر عظم أجر العمل فيها، ويغتنم الأوقات، وأن يُظهر لهذه العشر مزية على غيرها، بمزيد الطاعة، وهذا شأن سلف هذه الأمة، كما قال أبو عثمان النهدي رحمه الله “كانوا يعظمون ثلاث عشرات، العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم” وأبو عثمان النهدي قد مات في نهاية القرن الأول.
الأعمال الصالحة تبارك في العمر