الإسلام ومفهوم الشخصية
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي وسعت رحمته صلى الله عليه وسلم حتى البهائم والعجماوات، حيث اشتكى الجمل له من تجويع صاحبه له، واشتكت الحُمرة له ممن فجعها بأخذ فرخيها، وبكى جذع النخل شوقا له حتى ضمه وأسكته، فكان صلى الله عليه وسلم كثير البذل والعطاء،لا يرد سائلا ولا محتاجا، حيث قال حكيم بن حزام رضي الله عنه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني” متفق عليه، وكما كان صلى الله عليه وسلم طيب لا يأكل إلا طيبا، حيث يتوارى صلى الله عليه وسلم عن أي شبهة في المطعم أو المشرب، فقد قال صلى الله عليه وسلم ” إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها” متفق عليه.
فكان صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحدهم عاده وحزن لمصابه، فقد زار صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة فوجد مرضه شديدا فبكى، وكما كان صلى الله عليه وسلم وفيّ مع صحابته، فلم ينسي صلى الله عليه وسلم فضلهم وإيثارهم، ولقد كان النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم أكرم الناس وأشجع الناس، وأحلم الناس، وأكثرهم برّا ووفاء، وصدقا وصبرا وحياء، وكان خلقه القرآن وكان قرآنا يمشي على الأرض وهكذا يجب أن تكون شخصية الإنسان المسلم الموحد بالله عز وجل، وإن مفهوم الشخصية، هو مفهوم مستحدث، لا نكاد نجده متداولا في تراثنا الثقافي بالمعنى المقصود هنا، وهو مشتق في اللغة من الشخوص وهو ضد الهبوط، والشخص هو كل جسم له ارتفاع أو ظهور.
وعلى هذا فإن مفهوم الشخصية له علاقة بالمظهر الخارجي للإنسان وما يظهر منه، وأما في الاصطلاح، فإن الشخصية عبارة عن كل منظم لكل إنسان يتضمن كل ما فيه من الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والروحية، بالإضافة إلى الخلق والمزاج اللذين يعتبران من شخصيته، كما أنها حصيلة من الصفات السلوكية التي تميز فردا ما أو جماعة ما عن غيرهم من الأفراد أو الجماعات، وعندما تقام الحجة على أناس ممن أخطؤوا في تصوراتهم، وتقام الحجة على أهل الشبهات، كانوا يرجعون، وكانوا يفيؤون، حتى أهل البدع منهم، من أراد الله به خيراً كان يتأثر من كلام الصحابة، ورجوع ثمانية آلاف من الخوارج لما بيّن لهم ابن عباس رضي الله عنهما أن الحجة دليل على هذا.
وهكذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم رقيق مع أولاده وأحفاده مُكرم لهم، إذا دخلت ابنته فاطمة يقوم لها ويقبل بين عينيها ويأخذ بيدها ويجلسها في مكانه الذي كان يجلس فيه، وكان يضع الحسن على عاتقه فيقول ” اللهم إني أحبه فأحبه” متفق عليه، وكما خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم على صحابته وبنت ابنته أمامة على عاتقه، فصلى بها فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها” متفق عليه، وكما ذاق رسول الله صلي الله عليه وسلم من الحياة مُرّها ولأوائها، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها دخلت عليّ امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة متفق عليه، وكما ربط رسول الله صلي الله عليه وسلم على بطنه الحجر من الجوع حيث قال عمر رضي الله عنه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل اليوم يتلوى، ما يجد من الدقل أي التمر الرديء ما يملأ به بطنه” رواه مسلم.الإسلام ومفهوم الشخصية