الإنسان الذى يبيع صوته فى الانتخابات خسارة تتجاوز المال وتضرب قيمة الوطن
كتب/ أيمن بحر
تظل الانتخابات واحدة من أهم اللحظات التى يختبر فيها المواطن قدرته على التأثير فى مستقبل بلاده وعلى المشاركة فى صناعة القرار الذى يمس حياته وحياة الأجيال القادمة غير أن هذه اللحظة التى يفترض أن تُمارس فيها الحرية بأعلى درجات النقاء تتحول أحيانًا إلى ساحة لظاهرة خطيرة تفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها وهى ظاهرة بيع الصوت الانتخابى
الإنسان الذى يقبل بيع صوته يعتقد أنه يحقق مكسبًا سريعًا لكنه فى الحقيقة يخسر الكثير فهو يتنازل عن حقه فى اختيار من يعبر عنه ويتخلى عن دوره فى إصلاح واقعه ويستبدل تأثيره السياسى بمبلغ زائل لا يكفى لتغيير يوم واحد من حياته بينما يترك مستقبل سنوات كاملة فى يد من يشترى الأصوات لا من يستحقها
بيع الصوت الانتخابى لا يضر الفرد وحده بل يصيب المجتمع كله لأنه يفتح الطريق أمام وصول أشخاص غير مؤهلين للسلطة ويمنح الفرصة لمن يعتمدون على المال بدل الكفاءة وينتج عنه مؤسسات ضعيفة غير قادرة على خدمة الناس كما يؤدى إلى تآكل الثقة فى العملية الانتخابية ويجعل المواطن يشك فى قيمة صوته حتى لو لم يبع
كما أن هذه الظاهرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفقر والجهل وفقدان الأمل فى التغيير فالمواطن الذى يشعر بأنه مهمش وغير قادر على تحسين حياته يكون أكثر عرضة لقبول بيع صوته لأنه يرى الأمر مجرد تجارة لا علاقة لها بمستقبله والحقيقة أن الوعى هو السلاح الوحيد القادر على مواجهة هذا السلوك وأن الشعوب لا تنهض إلا عندما تدرك أن صوتها هو أعظم ما تملك
إن الحفاظ على قيمة الصوت الانتخابى ليس مسؤولية الناخب وحده بل مسؤولية المجتمع كله من مؤسسات وإعلام ومدارس ومنظمات مدنية تعمل على نشر الوعى وتعزيز ثقافة المشاركة السياسية النزيهة كما أن التصدى لشراء الأصوات يجب أن يكون موقفًا عامًا يرفض الانتهازية السياسية ويضع مصلحة الوطن فوق أى مغنم فردى
فى النهاية فإن الإنسان الذى يبيع صوته يبيع جزءًا من كرامته ويمنح غيره حق التحكم فى مستقبله ومستقبل بلده بينما الإنسان الذى يصوت بضمير يشارك فى صناعة الغد ويحافظ على شرف الاختيار ويؤكد أن الوطن لا يُبنى بالأموال بل بإرادة مواطنيه
الإنسان الذى يبيع صوته فى الانتخابات خسارة تتجاوز المال وتضرب قيمة الوطن
