الرئيسيةمقالاتالانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة
مقالات

الانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة

الانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة

الانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة

 بقلم : عماد نويجى

حين أعلنت وزارة التربية والتعليم مبادرتها لترسيخ الانضباط الأخلاقي والسلوكي في المدارس، عبر ضبط الزي المدرسي وقصات الشعر، بدا الأمر للبعض مجرد اهتمام بالشكل الخارجي. لكن الحقيقة أن المبادرة تحمل ما هو أبعد من المظهر؛ إنها محاولة لإعادة غرس قيمة الانضباط في جيل تاه بين الفوضى وفقدان القدوة، بعد أن تراجع دور البيت وضعفت آليات المحاسبة الأسرية.

ومع أهمية هذه الخطوة، إلا أن من الخطأ أن تُترك الوزارة بمفردها في مواجهة معركة بهذا الحجم. فالقضية ليست تعليمية بحتة، بل قضية مجتمع وهوية وثقافة عامة، تتطلب شراكة مؤسسات الدولة كافة.

فلا معنى للانضباط داخل أسوار المدرسة، بينما القدوات التي تُقدَّم للشباب خارجه تسير في الاتجاه المعاكس. فالفنان أو المغني الذي يتعمد التمرد على قيم المجتمع، أو يسعى لتصدير سلوكيات شاذة وغريبة عن بيئتنا، يتحول إلى مصدر هدم يفوق خطره أي مخالفة سلوكية داخل المدرسة. هنا يبرز الدور الجاد للنقابات الفنية، التي يجب أن تستعيد مكانتها كحارس للذوق العام، لا مجرد مظلة تحمي الخارجين عن قيم المجتمع، وذلك عبر تفعيل أدواتها في شطب كل من يتعمد هدم القيم وتشويه الهوية.

أما وزارة الداخلية، فإن مسؤوليتها لا تقل أهمية، من خلال عدم السماح بإقامة حفلات أو فعاليات لمن يعبثون بالقيم ويستغلون الفن غطاءً لترويج الانحلال والانفلات. فالفن رسالة، وإن تُرك دون ضابط سيتحول إلى أداة هدم لا بناء.

ويظل المسجد، بما يمثله من عمق روحي وديني، ضلعًا مهما فى منظومة الانضباط. غير أن خطبة الجمعة والدروس الدينية فقدت الكثير من تأثيرها ومصداقيتها بسبب ضعف الخطاب وابتعاده عن هموم الناس. نحن بحاجة إلى خطاب ديني عصري، واضح وقوي، يتحدث بلسان الشباب، ويعيد الثقة في دور المنبر كحائط صد ضد موجات الانفلات الأخلاقي والفكري.

إن مبادرة وزارة التربية والتعليم بداية مبشّرة، لكنها لن تُثمر بمفردها. المعركة معركة مجتمع كامل، لا وزارة واحدة. فإذا تكامل دور التعليم مع الأمن والثقافة والدين، وأُعيد الاعتبار لقيمة القدوة، يمكن عندها أن نحلم بجيل يعرف أن الحرية لا تنفصل عن المسؤولية، وأن الانضباط ليس قيدًا على الإبداع، بل أساس كل نهضة حقيقية. 

الانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة

الانضباط الأخلاقي.. معركة مجتمع لا مهمة وزارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *