البدايات الأولى للمسرح ونشأة. السيكودراما: الإنسان يرقص:
بقلم/ د. حنان حسن مصطفي
ياتى الرقص فى المرتبة الأولى مباشرة بعد ما تقوم بيه الشعوب البدائية من الأعمال التى تضمن لها حاجياتها الضرورية المادية من طعام ومسكن، والرقص هو أقدم الوسائل التى كان الناس ينفسون بها عن انفعالاتهم، ومن ثم كانت الخطوة الأولى نحو الفنون. والإنسان المتحضر فى الزمن الحديث وبالرغم من النواهى والمحظورات الأولى نحو الفنون. والإنسان المتحضر فى الزمن الحديث وبالرغم من النواهى والمحظورات التى بتلقنها ، وبالرغم من روح التحفظ التى يتشربها ويشب عليها، يعبر عن انفعالاته المفرحة بطريقة غريزية بواسطة أفعال حقيقية وعملية.
وقد كان الإنسان البدائي – بالرغم من فقر وسائله التعبيرية وقلة محصوله من اوليات الكلمات الأساسية المنطوقة- كانت وسيلته الشائعة فى التعبير عن أعمق مشاعره هى الحركة الرتيبة الموزونة – وهو ما نلاحظه فى رقصات الزار والذى يساعد فى نهاية المطاف عادة إلى التنفيس عن المشاعر والانفعالات المكبوتهمن خلال الإيقاعات الجسدية السريعة المتلاحقة لأنه عندما يعجز اللسان عن التعبير عن كل ما هو مؤلم، فنجد أن المسرح الحقيقى المعبر عن هذه المشاعر هو الجسد، وذلك لأن الطبيعة من حوله كانت تتحرك حركة إيقاعية.وذلك كحركات الأمواج المائية وتموجات الحقول التى تداعبها أنامل الربح ……..ولقد كان القمر والشمس يشرقان وبغربان فى نظام ثابت، وكانت ضربات قلبه ضربات إيقاعية. وكان طبيعيا لهذا السبب أن يخلق الحركة الإيقاعية يعكس بها ما يخامره من فرح وبهجة. وهو ما نلاحظه فى الحركات الإيقاعية للشيعة عندما يقومون بحركات إيقاعية منتظمة وثابته ومتلاحقه مع ضرب الظهر بالسوط أو اللطم هلى الوجه كطريقة للتنفيس عن المشاعر والفعالات الاحساس بالذنب تجاه الشهيد ” الحسين بن على” على ما اقترفوه تجاهه من إثم وعدوان وهو شكل من أشكال السيكودراما.
وما نجده أيضا من مراسم الحج عندما يقذف الحجاج “اللبس” بالحجارة والجمرات فى مشهد سييكودرامى عظيم على ما اقترفه فى حق البشرية من اغواىهم وخروجهم من الجنة كوسيلة اسقاطية أيضا لإسقاط الذنوب والخطايا على إبليس وهو ما يحقق التوازن النفسي الانفعالى بشكل أو بآخر.
وما نجده أيضا من عادات مصرية قديمة معبرة تعبيرا صريحا ومباشرا عن السبكودراما بشكل أو بآخر مثل: احتفالات إلقاء عروس فى النيل حتى يظل النيل متدفقا بالمياه. وهو ما يفعله بذكاء خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب عندما جف النيل فى مصر فأرسل بورقة وطلب من المصريين القاءها فى النهر كبديل عن العروس فى واقعة تاريخية مشهود بصحتها. وكان هذا الإنسان البدائي يرقص بدافع النشرة: ويكون الرقص طقسا دينياً ، فهو يتحدث عن آلهة بلغة الرقص طقسا دينياً، فهو يتحدث عن الهته بلغة الرقص، ويصلى لهم بلغة الرقص ويشكرهم ويثنى عليهم بحركاته الراقصة، هو ما نشاهده أيضا فى حلقات الذكر والطرق الصوفية .ولم تكن هذه الحركات قط شيئا مسرحيا مؤثرا أو شيئا تمثيليا: الا أن حركته المرسومة ذات الخطة كانت تنطوى على نواة المسرحية والذرة المسرح، والدراما التى هى من هذا القبيل- وهى الفنى الذى نجد فيه بالفعل (Action) مادة محورية أصلية- لم تنشأ فقط من الرقص البدائي، بل نحن نجدها حينما تم التزواج فيما بعد بينهما وبين الشعر تتخذ لنفسها عنصرا جديدا مولودا عن الحركة الراقصة هو الشعر. وفى هذه الحالة: تكون الأصوات التى صنعها الإنسان ومن دبيب القدمين, ثم أصبحت بالتدريج نشيدا حربيا أوراد الصلاة تطور إلى أنشودة قبلية تقليدية أدت فى النهاية إلى الشعر الذى ينظمه الإنسان عن شعور ووعى، وهكذا يكون الرقص هو الأصل الذى تفرعت عنه جميع الفنون، وهو ما نلاحظه أيضا فى إيقاعات مشايخ الطرق الصوفية والدينية.
ثم بدأ فى الظهور ما يسمى بالاقنعة “Mask ” ذات الألوان الصارخة التى كانت تستعمل فى الطقوس الدينية كفكرة تجريدية لأحد الانفعالات والخوف أو الحزن أو الغيرة. لقد كانوا يعرفون جيدا أن لابس القناع يتقمص بطريقة روحانية غامضة روح الحيوان أو الإله أو السلف الوطنى الذى أقيم من أجله الطوطم.
البدايات الأولى للمسرح ونشأة. السيكودراما: الإنسان يرقص: