التزكية وتطهير النفوس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، فإن التزكية هي تطهير النفوس، وتقويم الأخلاق، وإن لذلك طريقان، أحدهما هو شرح للأخلاق الطيبة من مزايا وآثار تعود على المرء وعلى المجتمع بالخير والسعادة، وهي الطريقة الوحيدة التي يعتمد عليها دعاة الإسلام ورؤساؤه اليوم، والثاني هو ضرب المثل العملية في هذه الأخلاق الفاضلة، ليرى الناس آثارها بأعينهم، وتنفعل بها نفوسهم فيتسابقون إلى التحلي بها، والانتفاع بآثارها، وهذا هو الطريق الحكيم هو الذي سلكه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في تزكية النفوس، وتقويم الأخلاق، وكان قليلا ما يكتفي بالطريق الأول، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الرحمة، ويضرب المثل العملية في جميع تصرفاته.
وليس أدل على هذا من موقفه من قومه، وقد كادوا ما كادوا، فجاءه جبريل يقول له إن الله قد علم ما رد به قومك عليك، وقد أمر ملك الجبال أن يصنع ما شئت بهم، فناداه ملك الجبال مرني يا محمد بما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت؟ فماذا كان جوابه صلى الله عليه وسلم ؟ ماذا كان جوابه صلى الله عليه وسلم وقد أتته القوة التي لا تبقي ولا تذر؟ ماذا كان جوابه وقد مُكن له من الذين نكلوا به وبأصحابه وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم؟ كان جوابه صلى الله عليه وسلم ” لا بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ” ولنعلم جميعا أن للصدقة والإنفاق آداب، فمن أهمها الإخلاص لله تعالى فيها، فعدم الإخلاص يبطلها ويحبط أجرها، والبعض يتصدق قاصدا للرياء والسمعة، والمباهاة والتفاخر.
فهذا يعاقب بأشد العقوبة يوم القيامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ويؤتى بصاحب المال فيقول كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تعالى” بل أردت أن يقال فلان جواد، فقد قيل” رواه الترمذى، ومن آداب الصدقة المفروضة هو تقديمها على الصدقة المستحبة، وعدم تأخيرها عن وقتها، فإذا وجبت عليه زكاة في ماله، أو زرعه، أو تجارته وجب عليه أن يخرجها في وقتها، وهي من أركان الإسلام، وأحب ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى أداء الفرائض، فلا يؤخرها لغير عذر لكي لا يتعرض لسخط الله تعالى، ومن الآداب أيضا هو عدم إبطال الصدقة بالمنّ والأذى، بل يرى أن المنة لله تعالى أولا، إذ أعطاه المال، وأنعم عليه، وخلصه من شح النفس.
ثم إن المؤمن العاقل يرى أن المحتاج هو صاحب المنة عليه، إذ قبل منه صدقته، وأتاح له فرصة اكتساب الأجر والثواب من الله تعالى، وكان بعض الصالحين يقول ” والله، إني لأرى الفقير صاحب منة عليّ، ولولا أن الله عز وجل جعله يقبل صدقتي لحُرمت الأجر والثواب من الله تعالى” وعلى المتصدق أن يُسرّ بصدقته ما استطاع، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة، وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم، أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” رجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” رواه البخاري ومسلم، ومن الآداب أيضا أن تكون الصدقة من كسب طيب، أى من مال حلال فإن ذلك سبب في قبولها، ونماء أجرها.التزكية وتطهير النفوس