التلميذ النجيب لابن حجر العسقلاني
بقلم / محمـــد الدكـــروري
التلميذ النجيب لابن حجر العسقلاني
ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن أهل العلم والعلماء والأدباء والشعراء، وأئمة الإسلام والمسلمين، والذي كان من بينهم الإمام السخاوي والذي كان من مؤلفاتة المطبوعة هو تقريظ كتاب الحدائق الغوالي في قباء والعوالي، وتكملة ضم المسند المعتلي إلى إتحاف المهرة في أطراف العشرة لابن حجر العسقلاني، وثبت شيخ الإسلام القاضي زكريا بن محمد الأنصاري، والجواب الذي انضبط عن لا تكن حلوا فتسترط، وجواب عن تزوير اليهود كنيسة بيت المقدس، وجواب في الجمع بين حديثين هما دعاؤه لأنس بن مالك بكثرة المال والولد وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه، والجواهر المجموعة، والخصال الموجبة للظلال، ورجحان الكفة في بيان نبذة عن أخبار أهل الصفة.
والسر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم، وطبقات الأولياء المكرمين، وعمدة القاري والسامع في ختم الصحيح الجامع، وعمدة المحتج في حكم الشطرنج، وغنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجاج، والفخر المتوالي فيمن انتسب للنبي من الخدم والموالي، وقرة العين بالمسرة الحاصلة بالثواب للميت والأبوين، والقناعة مما تحسن الإحاطة به من أشراط الساعة، والقول المعتبر في ختم النسائي رواية ابن الأحمر، والقول المنبي عن ترجمة ابن عربي، والمتكلمون في الرجال، والمنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، ووجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام للذهبي وطبع أيضا باسم الذيل التامّ على دول الإسلام، وتبدأ المرحلة الثانية في حياة السخاوي.
وهي مرحلة درس وتحصيل أيضا ولكن خارج مصر، فبعد وفاة شيخه ابن حجر، ارتحل السخاوي إلى عدد كبير من البلدان لتحصيل العلم، ففي مصر سافر إلى دمياط والمنصورة والرشيد، وغيرهم من البلدان ثم رحل إلى مكة والمدينة ودمشق وحلب وبيت المقدس ونابلس، وسمع في هذه البلدان لعدد كبير من علمائها وأخذ عنهم، وكان السخاوي يومئذ في الثانية والعشرين من عمره ولكنه كان رغم حداثته قد برز في كثير من العلوم التي تلقاها وكان قد استأثر في هذه الأعوام الطويلة التي قضاها إلى جانب ابن حجر بكثير من علمه ومعارفه، وتأثر أعظم تأثير بأساليبه ومناهجه بل قيل إن السخاوي كان بعد ابن حجر، مستودع علمه وتراثه، وكان أشد تلاميذه تمثيلا لمدرسته بل كان بعد شيخه زعيم هذه المدرسة.
وأستاذها القوي يرفع لواءها ويحمل مناهجها حتى خاتمة القرن التاسع وقد أشار ابن حجر نفسه في أواخر أيامه إلى تلك الحقيقة، وكثيرا ما وصف السخاوي بأنه أمثل جماعته أو ممثل جماعته، وهكذا سافر السخاوي عقب وفاة أستاذه إلى دمياط ودرس على شيوخها حينا ثم سافر مع والدته بحرا إلى مكة ليؤدي فريضة الحج وانتهز هذه الفرصة فدرس على شيوخ مكة والمدينة، وطاف بالبقاع والمشاهد المقدسة كلها ثم عاد إلى مصر، وسافر إلى الإسكندرية وقرأ بها مدى حين وزار معظم عواصم الوجه البحري وقرأ على شيوخها الأعلام جميعا، وحصل كثيرا من الفوائد والمعارف، ثم رأى أن يقوم برحلة إلى الشام ليزور معاهدها، ويتعرف بشيوخها فسافر إلى فلسطين وطاف بيت المقدس والخليل ونابلس ثم قصد إلى الشام.
وزار دمشق وحمص وحماه، ثم استقر حينا في حلب وكل ذلك وهو يدرس ويقرأ على أعلام هذه العواصم ويقول السخاوي إنه “اجتمع له في هذه الرحلة من الروايات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف”