الرئيسيةمقالاتالدرع الواقي لسكان الأرض
مقالات

الدرع الواقي لسكان الأرض

الدرع الواقي لسكان الأرض 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العليم بحال العبد في سرّه وجهره، يسمع أنين المظلوم عند ضعف صبره، ويجود عليه بإعانته ونصره، أحمده على القدر خيره وشره، وأشكره على القضاء حلوه ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما جاد السّحاب بقطره، وطلّ الربيع بزهره، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد أوصيك يا أخي الكريم أن تتخصص حتى تنجح، فيقول ابن المبارك رحمه الله تعالى عجبت لمن لم يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة، وتعلم كما لو كنت مبتدئا، واعتقد كما لو كانت المعجزات ممكنة، وناجي الله تعالى وأنت على يقين من أنه يسمعك، وإذا كنت تعتقد شيئا فكل ما تعتقده يمكن تحقيقهن وإن المحافظة على سيطرة العقل.

كالسيطرة على ثور متوحش هائج، وأنت قادر على النجاح إذا فكرت في النجاح، ولكي تكون كبيرا يجب أن يكون تفكيرك كبيرا، وكلما إزدادت معرفتك في أي مجال إزدادت ثقتك بنفسك، واعلم بأن كتابة اهدفك على الورق تزيد إحتمالات تحقيقك لها، وانه لا يوجد ما يمنعك من الوصول إلى القمة في مجالك سواك، وكما عليك تجنب الأشخاص السلبيين مهما كلفك الأمر لأنهم أكبر مدمر للثقة بالنفس، واعلموا يرحمكم الله أن الهواء الجوي هو درع الوقاية والحماية للبشر، حيث تغزو ملايين الشهب والنيازك الأرض، بكمية تكفي لإبادة البشر، وتقضي على الأخضر واليابس، فاقتضت حكمة الخبير العليم أن يجعل سمك الغلاف الجوي ثمانية عشر ألف ميل، وصممه بإحكام شديد، وميزان دقيق ليتم إحراق الشهب والنيازك، والأشعة القاتلة قبل أن تصل إلى الأرض.

فكان الهواء كالدرع الواقي لسكان الأرض من الخطر، إنه أشبه بالمشيمة التي تحيط بالجنين، فحين تعبر منها الدماء إلى الجنين فإنها تمنع المواد الضارة من العبور وتسمح فقط بالمواد النافعة، مثلما يقوم غلاف الأوزون بمنع الأشعة الضارة بالكائنات الحية من العبور، ألا ترى أن هذا التدبير المحكم من صنع الله الحكيم الرحيم العليم الحافظ الذي أراد أن يحفظ الكائنات الحية من المخاطر المحيطة بها من كل اتجاه؟ وكما أعطى الله تعالى كل كائن حاجته من الأكسجين، فالحشرات الصغيرة الحجم تحتاج إلى كميات قليلة، لذا فجهازها التنفسي بسيط للغاية، عبارة عن ثقوب في جوانبها، والأسماك والحيتان في البحر تحتاج إلى تنفس الأكسجين فجعل الله تعالى الأكسجين يذوب في الماء، وأوجد في الأسماك الخياشيم التي تستخلص بها الأكسجين من الماء ليصل إلى كل خلية في أجسامها. 

وأنت أيها الإنسان الكبير الحجم تحتاج إلى كميات كبيرة من الأكسجين فأوجد لك ربك الرئتين، وجعل لك جهازا خاصا بالتنفس ينقل الأكسجين عبر الدماء، فيصل إلى كل خلية في جسمك، وليس ذلك فحسب، بل يأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يضرك فيطرده خارج الجسم، وكما جعل الله تعالى جهاز التنفس يدخل الهواء بقدر، وجعل حركة ذلك إليه لا بإرادتك حتى لا تسرف وتتجاوز الحد، وكذلك لا تقتر وتبخل على نفسك فجعله الله سبحانه يعمل بلا كلل ولا ملل أو توقف، يعمل في كل مكان، وفي كل حال، يعمل وأنت مشغول في عملك، كما يعمل وأنت غافل غارق في نومك، فأنت أيها الإنسان نفس داخل، ونفس خارج، فإذا إنقطع النفس إنقضى الأجل، وبعد فهذه دعوة إلي العقل البشري أن يتجول في هذا المعرض الإلهي المملوء بالآيات والعجائب أقصد الكون. 

فسوف يجد له في هذا الميدان مجال، فالله تعالي هو خالق الحياة، وهو الذي أمد الأحياء بما تحتاج من الهواء، وهو الذي أنعم على الأحياء بالهواء للتنفس، وهو الذي يحميها به من أخطار الشهب والنيازك، ويلقح به كثيرا من النباتات، ويحمل به الأمطار، ويوازن بضغط الهواء ضغط السوائل في أجسام الكائنات، ومن صاحب هذه الحكمة العظيمة، وذلك التقدير البديع، والتنظيم الحكيم، والتقدير المتقن، والتركيب العجيب؟ أوثن لا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا يضر؟ أطبيعة صماء عمياء جامدة، لا تملك حكمة ولا إرادة؟ أعدم لا يفعل شيئا؟ أم أن تلك الحكمة المشاهدة، والتقدير البديع، والتنظيم الحكيم، والتوازن المتقن، والتركيب العجيب، كل ذلك شاهد أمام كل عاقل بأنه من صنع الرب الحكيم والخالق العظيم والمبدع الخبير البصير الرحيم الذي خلق الهواء المحيط بأرضنا بتقدير حكيم، وصنع لطيف، وهو غير هذه المخلوقات المشاهدة؟

الدرع الواقي لسكان الأرض 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *