الدكرورى يكتب عن النبي يعيش يتيما
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكرورى يكتب عن النبي يعيش يتيما
إن الأمانة في الإسلام شيء عظيم، فهي أشد أمر في الدين وقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم” رواه الترمذي، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “لا تغرّني صلاة امرئ ولا صومه، مَن شاء صام، ومَن شاء صلى، لا دين لمن لا أمانة له” ولقدر الله تعالى أن يعيش النبى الكريم صلى الله عليه وسلم في كنف أمه ستة أعوام ثم توفيت.
وهي عائدة به من زيارة أخواله بني النجار فتربى يتيما في كنف جده الذي أكرمه وأدناه ثم ما لبث أن توفي بعدها بسنتين ليتكفل أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن أخيه ويرعاه خير رعاية، وقد تكون من الحكم الإلهية أن يعايش النبى صلى الله عليه وسلم حالة اليتم وفقدان الأحبة وهو بعد صغير ليعلم عين اليقين مشاعر اليتيم ويتعايش مع ما يمر به في حياته حتى إذا ما بعثه الله تعالى في كبره راعى هذه الحالة وعلم كل ما يحيطها من ظروف عندما يتبوأ مسؤولية العالم بأسره بل وكل الأجيال القادمة من بعده إلى يوم القيامة صلى الله عليه وسلم، وقال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته.
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين، توفيت أمه آمنة بنت وهب بالأبواء وهو مكان بين مكة والمدينة، كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار، تزيره إياهم، فماتت وهي راجعة به إلى مكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بن هاشم، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له ؟ قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر، حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب ، إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني، فوالله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه على الفراش، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم.
وذلك بعد الفيل بثماني سنين، وقيل أن عبد المطلب لما حضرته الوفاة وعرف أنه ميت جمع بناته وكن ست نسوة، صفية، وبرة، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء، وأميمة، وأروى، فقال لهن ابكين علي حتى أسمع ما تقلن قبل أن أموت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب، وكان عبد المطلب فيما يزعمون يوصي به عمه أبا طالب، وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا طالب أخوان لأب وأم، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم، وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده ، فكان إليه ومعه.