المقالات

الدكرورى يكتب عن كراهة الأمراض والأوجاع

الدكرورى يكتب عن كراهة الأمراض والأوجاع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من استغنى بالله اغناه الله واعظم الغنى غنى النفس،
ويقول الله عز وجل في الحديث القدسي ” يا ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنا واسد فقرك، فإن لم تفعل ملأت يدك شغلا ولم اسد فقرك ” فيا لها من بلو، أن يهلك الإنسان نفسه لغيره، وأن يضيع نفسه لشهوة نفسه، فيكسب وينفق في حرام، او يضيع حقا عليه واجب من أجل ما لا يحتاج، اما اذا شغلت نفسك بما لا ينبغي لك فستتعب ومهما كان معك ستشعر بالحاجة والعوز، وإن من فوائد المرض أن الله تعالى يخرج به من العبد الكبر والعجب والفخر فلو دامت للعبد أحواله، لتجاوز وطغى ونسي المنتهى لكن الله سلط عليه الأمراض والأوجاع وخروج الأذى والريح ليعلم أنه ضعيف، فالعبد يجوع كرها ويمرض كرها ويموت كرها ولا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.
فمن اكنت هذه طبيعته فلماذا يتكبر ولماذا يتغطرس، فيقول تعالى فى سورة الانفطار “يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك” ويقول تعالى فى سورة المعارج ” كلا إنا خلقناهم مما يعلمون” وقال ابن القيم رحمه الله “لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا أو آجلا” ومن فوائد المرض معرفة العبد ذله وحاجته وفقره إلى الله فأهل السماوات والأرض محتاجون إليه سبحانه فهم الفقراء إليه فهو الغني سبحانه ولولا أن سلط على العبد هذه الأمراض والبلايا لنسي نفسه ونسي خالقه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله “مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله” وقال الله تعالى فى سورة إبراهيم ” يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد”
ومن فوائد المرض أن فيه مساواه تامة، فهي سنة الحياة فلا يفرق المرض بين غني ولا فقير ولا يعرف فقيرا ولا عزيزا والناس سواء والمرض لابد للجميع، حيث يقول الله تعالى فى سورة الحجرات ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير” ومن فوائد المرض أنه يهمس في قلوبنا قائلا بنيتك يا ابن ادم ليست من الصلب والحديد بل من مواد ضعيفة قابلة للتحلل والتفسخ، فدع عنك الغرور واعرف عجزك وتعرف على أصلك وافهم وظيفتك في الحياة الدنيا، فالمرض يجعلك تتأمل فيمن ابتلاهم الله بأشد منك فيجعلك هذا تصبر وتحمد الله على ما أنت فيه وترضى بما قسمه الله لك، ولقد كان الصالحون يفرحون بالمرض والبلاء ويعدونه نعمة كما يفرح الواحد منا بالرخاء فقال صلى الله عليه وسلم.
“وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء” ولما كان الأنبياء والصالحون هم أحب الخلق إلى الله تعالى كان بلاؤهم أشد من غيرهم فعن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال، قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال صلى الله عليه وسلم “الأنبياء ثم الأقل فالأقل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة” رواه الترمذي، وهذا كان سيد الخلق أجمعين كان أشد الناس بلاء حيث يشتد عليه المرض أكثر من غيره حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “ما رأيت أحدا أشد عليه الوجع من رسول الله” رواه البخاري ومسلم.

الدكرورى يكتب عن كراهة الأمراض والأوجاع

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار