المقالات
الدكروري يكتب عن الثمرة المرجوة من الصدق
الدكروري يكتب عن الثمرة المرجوة من الصدق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أوصانا النبي الكريم صلي الله عليه وسلم بالصدق في الأقوال والأفعال فقال صلي الله عليه وسلم ” عليكم بالصدق ” ويطلق الصدق على معان كثيرة منها الصدق في القول، فلا يتكلم إلا بالصدق، والصدق باللسان أشهر أنواع الصدق وأظهرها، وينبغي للعبد أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه، فإن كان قلبه منصرفا عن الله، مشغولا بالدنيا، فهو كاذب، ومنها الصدق في النية والإرادة، وذلك يرجع إلى الإخلاص، فإن فقد ذلك بطل صدق النية، ومنها الصدق في العزم والوفاء به، كأن يقول إن آتاني الله مالا تصدقت به ونحوه، ومنها الصدق في الأعمال، وهو أن تستوي سريرته وعلانيته في جميع أعماله، ومنها الصدق في مقامات الدين كالصدق في الخوف والرجاء، والزهد والحب، والتوكل على الله ونحو ذلك.
وكل من عامل الله بالصدق استأنس به، واستوحش من الخلق، ومن علامات الصدق هو كتمان الطاعات والمصائب جميعا, وكراهة اطلاع الخلق على ذلك، ومقام الصديقين مقام رفيع، ومع علو هذا المقام فهو بفضل الله ميسور لمن أراده، وليس وقفا على أفراد، ولا على طائفة، فكل من يحقق إيمانه بالله ورسله فله حظ في هذا المقام الرفيع، وإن الصادق مطلوبه وهدفه هو رضا ربه، وتنفيذ أوامره، وتتبع محابه، فهو متقلب فيها يسير معها حيث سارت، فبينما هو في صلاة، إذ رأيته في ذكر، ثم في غزو، ثم في حج، ثم في إحسان إلى الخلق، ثم في أمر بالمعروف، ثم في نهي عن منكر، أو في عيادة مريض، أو تشييع جنازة أو نصر مظلوم, أو غير ذلك من القرب والطاعات وأعمال البر المختلفة.
وإن الصدق سجية كريمة تدل على سلامة الفطرة للمتصف بها، وثقته بنفسه وبُعده عن التكلف والتصنع، وقد اعتبر الإسلام الصدق أساس كل الخير وأن الإسلام يؤكد على الصدق أكبر تأكيد ويحث الناس على ملازمته ولو كان مظنة لإضرار يسير، وكذلك يؤكد علي سماع مواعظ القرآن، والتأمل والتدبر بالآيات التي تبعث الشعور بالخوف من الله وتصور أهوال يوم القيامة، وأيضا إدمان النظر إلى السماء التأمل بما خلق الله عز وجل كدليل على عظمته وضرورة خشيته وطاعته، وأيضا مطالعة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحوال الصحابة والصالحين، حيث كانت خشية الله تلازمهم ويجتهدون في إرضاء الله مع أنهم الأكثر إيمانا والتزاما، وأيضا كثرة الدعاء، وإنه على المؤمن التضرع لله تعالى والتذلل له.
ويعتبر الخوف من الله تعالى طريقا للفوز بالجنة، فمن يخاف من شيء ما يهرب منه، إلا من خاف الله تعالى، يقبل عليه، فلا ملجأ من الله إلا إليه، ومن خاف الله تعالى في هذه الدنيا، أمن من الخوف يوم القيامة، ويزيد الخوف من الله عز وجل محبته في القلب، فمن يؤمن بأن الله هو مسير الأمور كلها وأن كل شيء بيده، فلن يخاف من أى إنسان على وجه الأرض، فتزيد ثقته بنفسه ويصبح أقوى، ويؤدي الخوف من الله إلى زيادة شعور الطاعة والإخلاص، ويزيد من الشعور بالأمن عند الاحتضار ووقت الموت، وأيضا يفرّج الكربات وييسر الأمور ويحلّ الكرامات، وقد أمر الله تعالى عباده بالاستغفار والتوبة من الذنوب والإنابة الصادقة إليه، ومن كرم الله عز وجل أن سمّى نفسه الغفور.
الدكروري يكتب عن الثمرة المرجوة من الصدق