الدكروري يكتب عن من مات ولم تمت ذنوبه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الموت في يوم الجمعة أو ليلته من علامات حسن الخاتمة، وإن من مات يوم الجمعة فقد انكشف له الغطاء عما له عند الله تعالي، لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل في سائر الأيام، فإذا قبض الله عبدا من عبيده فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلا لسعادته وحسن مآبه، وإنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده فلذلك يقيه فتنة القبر لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن, قلت ومن تتمة ذلك أن من مات يوم الجمعة له أجر شهيد فكان على قاعدة الشهداء في عدم السؤال، وعن عطاء قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم أو مسلمة يموت في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقي عذاب القبر وفتنة القبر ولقي الله ولا حساب عليه، وجاء يوم القيامة ومعه شهود يشهدون له أو طابع”
وإن في فضل الموت فى ليلة الجمعة يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر” وإن من مات ولم تمت ذنوبه معه، فهو يتمنى العودة إلى الدنيا، ليتخلص من هذه الذنوب، ويريد أن يتخلص مما اقترفته يداه، كمثل بعض الممثلين والمغنين، الذين سجلوا أعمالهم الفنية في الوسائل الإعلامية، ولم يتوبوا منها، وهي لا تزال تعرض للناس لتصدهم عن سبيل الله، فهم يتمنون العودة إلى الدنيا، ليتخلصوا مما فعلوا، ليوقفوا هدير هذه السيئات التي تأتي إليهم تباعا، يريدون أن يعملوا صالحا فيما تركوا، وماذا تركوا من بعدهم؟ أليس أفلاما وغناء وأعمالا تفسد أخلاق الناس؟ وتصد عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فهم الآن يجنون وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
ولا حول ولا قوة إلا بالله، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ومن سن سنة سيئة فعمل بها، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئا” وكما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن إذا بشر في قبره بالجنة، يتمنى أن يعود إلى أهله ليبشرهم بنجاته من النار وفوزه بالجنة، إذ روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا رأى المؤمن ما فسح له في قبره، فيقول دعوني أبشر أهلي” وفي رواية فيقول دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له اسكن” ولقد حكي الله عز وجل علينا قصة صاحب يس، الذي كان حريصا على هداية قومه، إلا أنهم قتلوه وهو يدعوهم إلى الإيمان بالله ورسله، فلما عاين كرامة الله عز وجل له وفوزه بالجنة، تمنى أن يعلم قومه بذلك كي يؤمنوا.
فقال تعالى في شأنه كما جاء في سورة يس ” قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين” أي تمنى أن قومه الذين حاربوا دين الله عز وجل، ورفضوا الاستجابة لأوامر الله أن يعلموا ماذا أعطاه الله من نعيم وثواب جزيل، وأما الشهيد، فبالرغم من عظم منزلته الرفيعة التي يراها أعدت له في أعلى درجات الجنة، فإنه يتمنى أن يعود إلى الدنيا، ولكن ليستمر في جهاد أعداء الله، فيقاتل ويُقتل ولو عشر مرات، لما يرى من ثواب الجهاد وكرامة المجاهدين عند الله عز وجل، فيجب علينا أن نجعل عبارة أمنيات الموتى على اللسان، ودائما في المخيلة، فإنها خير معين لنا على فعل الخير، والاستكثار منه، والتسابق إليه، وعلى الترحم على أموات المسلمين، فاتقي الله يا عبد الله واصرف ما بقي من عمرك في طاعة الله.