الدكروري يكتب عن خروج أهل المدينة لطلب الثأر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن خروج أهل المدينة لطلب الثأر
لقد اعتبر الإمام علي بن أبي طالب أن خروج أهل المدينة المنورة بهذا الشكل للأخذ بالثأر من قتلة عثمان بن عفان يعد بالقرار التسرّعي وعدم الصبر، إلا أن الصحابيان وأم المؤمنين رأو وجوبا القصاص من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى يقضى على رؤوس الفتنة وتنتهي الفتن بين المؤمنين عامة والصحابة خاصة، فانطلق جيش كبير بقيادة الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام بالإضافة إلى وجود أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهم مما بعث في نفوس الجند المعنويات العالية كونها أمهم أي أم المؤمنين وزوجة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهكذا فإن الفتن إذا تلاطم موجها، وغشيت كقطع من الليل مظلم، فعندها تضطرب الأفهام، وتزل الأقدام.
وتختل الموازين ، فإذا بدهماء الناس يسيرون خلف كل ناعق، ويهتفون لكل صائح، يرددون بلا وعي، ويتعجلون بلا روية، حتى قال حذيفة رضي الله عنه ” تكون فتنة تموج فيها عقول الرجال، حتى ما تكاد ترى رجلا عاقلا ” وسأل رجل فقال يا رسول الله، هل للإسلام من منتهى؟ قال “أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام” قال ثم مه؟ قال ” ثم تقع الفتن كأنها الظلل” قال الرجل كلا والله إن شاء الله، قال “بلى، والذي نفسي بيده، ثم تعودون فيها أساود صُبا يضرب بعضكم رقاب بعض” وبعد حدوث الفتنة ومقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، بايع كبار الصحابة الإمام علي بن أبي طالب لخلافة المسلمين، وقيل أنه قبل البيعة وهو كارها لها، وانتقل إلى الكوفة.
ونقل عاصمة الخلافة إلى هناك، وبعدها انتظر الصحابة أن يقتص الإمام علي بن أبي طالب من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنهم، لكن الإمام علي أجّل هذا الأمر لسببين وهما الانتظار حتى تهدأ الفتنة، فلم يكن الإمام قادرا على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان لعدم علمه بأعيانهم، ولاختلاط الثوار والسبئية بجيشه، مع كثرتهم واستعدادهم للقتال، وقد بلغ عددهم ألفي مقاتل كما في بعض الروايات، كما أن بعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة الإمام علي، وأخذ البيعة من أهالي الأمصار وعزل الولاة وتعيين ولاة جدد، لأنه عندما تولى الإمام علي الخلافة أمر بعزل جميع الولاة الذين عينهم الخليفة عثمان بن عفان ومنهم معاوية بن أبي سفيان، نظرا لأن مثيري الفتنة اعتمدوا على اذكاء سخط الناس على بعض الولاة.
واتهموهم بالظلم والعمل للمصالح الشخصية على حساب مصالح الناس واتهموهم بعدم الحفاظ على سنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فأراد الإمام علي بذلك ألا يجعل لهم حجة، وبعد أن أوشك الطرفان أن يصلا إلى موقف موحد بعد حديث القعقاع مع السيدة عائشة وطلحة والزبير وبعد أن ذهب علي رضي الله عنه بمن معه من القوم إلى السيدة عائشة رضي الله عنها ومن معها، وجاء الليل، وبات الفريقان خير ليلة مرت على المسلمين منذ أمد بعيد، ونام أهل الفتنة في شر ليلة يفكرون كيف سيتخلصون من هذا الصلح الذي سيكون ثمنه هو رقابهم جميعا، وخططوا من جديد لإحداث الفتنة.