الدكروري يكتب عن إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم
الدكروري يكتب عن إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم
بقلم / محمــــد الدكــــروري
إن من أهم ما يميز الحضارة الإسلامية هي أنها إنسانية النزعة والهدف، عالمية الأفق والرسالة ، فالقرآن الذي أعلن وحدة النوع الإنساني رغم تنوع أعراقه ومنابته ومواطنه، في قوله تعالى “ياأيها الناس إنا خلقتناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فإن القرآن حين أعلن هذه الوحدة الإنسانية العالمية على صعيد الحق والخير والكرامة جعل حضارته عقدًا تنتظم فيه جميع العبقريات للشعوب والأمم التي خفقت فوقها راية الفتوحات الإسلامية، ولذلك كانت كل حضارة تستطيع أن تفاخر بالعباقرة من أبناء جنس واحد وأمة واحدة، إلا الحضارة الإسلامية فإنها تفاخر بالعباقرة الذين أقاموا صرحها من جميع الأمم والشعوب فأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والخليل.
وسيبويه والكندي والغزالي والفارابي وابن رشد وأمثالهم ممن اختلفت أصولهم وتباينت أوطانهم، ليسوا إلا عباقرة قدمت فيهم الحضارة الإسلامية إلى الإنسانية أروع نتائج الفكر الإنساني السليم، ويقول الله عز وجل في سورة الكهف”إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا” أي أن يطلع الكفار السابقين على مكانكم يقتلوكم بالحجارة، أو يعيدوكم بالإكراه والقوة إلى دينهم، ولن تفلحوا أبدا إذا عدتم إلى ملتهم، وقال الله تعالى ” وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا” أي أطلعنا عليهم أهل المدينة رغم كل حرصهم على التخفي.
وأن لا يعلم أحد عنهم، فالذي دخل المدينة لشراء الطعام وعند إخراجه أوراقهم المتقادمة العهد كشف أمرهم، وذلك ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم أن وعد الله بالبعث حق، وأن البعث بعد الموت لابد منه ولا شك فيه، ثم إن الله بعدما أماتهم أراد القوم أن يعتنوا بهم بأن يبنوا على باب كهفهم بنيانا عظيما ليصبح كالمزارات، ثم قال أصحاب الغلبة ونفوذ الكلمة منهم ” لنتخذن عليهم مسجدا” أي لنصلي فيه تبركا بهم وبمكانهم، وهذا غير جائز لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال” لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد” رواه البخاري، ثم بعد ذلك قال الله تعالى ” سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفتي فيهم منهم أحدا”
أي يقول الخائضون في قصتهم على عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب الذين لا علم لهم بالحقيقة هذه المقالة في عددهم، وكل ذلك رميا وتلفظا بما غاب عنهم حقيقته، فقل يا محمد الله أعلم بعددهم، فلا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالا ظاهرا لينا غير متعمق فيه، ففوض العلم إلى الله سبحانه وتعالى من غير تجهيل لهم، لا تعنف بهم في الرد عليهم، ولا تسأل أحدا منهم عن نبئهم، والمعنى جاءك الحق الذي لا مرية ولا جدال فيه، ثم قال الله تعالى” ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا ان يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسي أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا” أي اربط كل شيء تفعله بمشيئة الله تعالى، واذكر الله إذا نسيت وادعه واسأله أن يهديك للخير والمنفعة.
وأن يهديك إلى الرشد، وخاصة في النبأ المتحاور فيه وهو شأن أصحاب الكهف، ثم قال تعالى مبينا مدة لبثهم نائمين ” ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا، قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه احدا” فإن الله سبحانه وتعالى، يخبرنا بأخبار من قبلنا لنتعظ، ونتعلم ليكون عندنا من العلم، والهدى ما نهتدي به، وهذه قصة يصلح يا مسلم أن تربي عليها أولادك، ونحن نسأل الآن، ماذا نعمل للمراهقين؟ ماذا نقول للمراهقين؟ خذها هدية يا مسلم من رب العالمين واستعن في تربية أولادك وتثبيت نفسك وآلك، آل بيتك حتي تكون من الناجين من عذاب الله يوم الحساب.