الدكروري يكتب عن النبي وحجة الوداع
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن النبي وحجة الوداع
إن من وفاء النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وفاءه لأقربائه حرص على هدايتهم، ودعوتهم إلى الله يناديهم يا معشر قريش، ويا فاطمة بنت محمد، ويا صفية عمة رسول الله “لا أغني عنكم من الله شيئا”، يدعوهم إلى الهدى كما أمره الله تبارك وتعالى ” وأنذر عشيرتك الأقربين” ولما مرض عمه أبو طالب الذي كان يؤويه وينصره ويدافع عنه أتاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال ” يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله” فقال أبو جهل وعبدالله بن أمية أترغب عن ملة عبد المطلب، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم وأعادوا، وكان آخر ما قاله أبو طالب هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال صلى اله عليه وسلم ” لأستغفرن لك ما لم أنه عنك” فأنزل الله تعالى ” ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى”
ومن وفاءه مع أصحابه، هو حب أصحابه والرفق بهم والإحسان إليهم، فقد قسم النبى صلى الله عليه وسلم غنائم حنين وأعطى المؤلفة قلبوهم ولم يعطي الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا في أنفسهم فجمعهم وطيب خاطرهم، فسكت القوم حتى أخضلوا لحاهم، فهذا الوفاء وهذه الكرامة ومعرفة الحقوق فصلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين، أما وفاءه مع أعداءه فإن يوم الحديبية اتفق مع كفار قريش على أن من أتى محمدا من أهل مكة مسلما ردوه إليهم، ومن أتاه من المدينة مرتدا لم يردوه، فكان شرطا قاسيا على المسلمين ولكن الله جعل له فرجا ومخرجا، فسمع أناس من أصحابي النبي صلى الله عليه وسلم بهذا فكانوا في المرصاد لقريش يغدون عليهم ويهددون مصالحهم فلما رأت قريش أن الأمر شديد طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقط هذا الشرط.
فكان إسقاطه من طريقهم لا من طريقه لأنه صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الوفاء بالعهود والعقود صلوات الله وسلامه عليه وصدق الله ” وإنك لعلى خلق عظيم” وهكذا قإن الوفاء بالعهد، وعدم نسيانه أو الإغضاء عن واجبه، خلق كريم، ولقد أكد النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع على حرمة الاعتداء بأي شيء على الدماء، والأموال، والأعراض فهي محرمة في الإسلام كحرمة اليوم والشهر الذي يؤدون فيه مناسكهم، وحرمة المكان المجتمعين فيه لأداء شعائرهم تحقيقا للأمن، والأمان، والاستقرار في المجتمع، إذ أكد النبي الكريم عليه الصلاة والسلام على كل من حُرمة النفس والدم فلا يجوز بحال من الأحوال قتل إنسان، بغض النظر عن دينه، أو عرقه فحُرمة الدم مصانة في الدين، فقال تعالى “ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق”
وقد عُدَّ قتل الإنسان كقتل البشرية كاملة، فقال سبحانه وتعالى”من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” كما كان لدم الإنسان خصوصية، فحُرم الاعتداء عليه بأي صورة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى عليه الصلاة والسلام قال “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” فإن حُفظت النفوس والدماء، فإن الناس يأمنون على أرواحهم، ويسود السلم والأمن في المجتمع، فلا يجرؤ أحد على إيذاء أحد، أو إزهاق روحه، وكما أكد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع على حرمة الأعراض فلا يحل لعبد أن ينال من عرض أخيه، ولا أن يتهم أحدهم بالفاحشة ولذلك عد الإسلام ارتكاب الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، وكذلك القذف، فقال تعالى “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”