الدكروري يكتب عن النجاشي يتوعد أبرهه
الدكروري يكتب عن النجاشي يتوعد أبرهه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما تولي ابرهه الحبشي قيادة الجيش في اليمن وهو جيش النجاشي ملك الحبشة، بعدما تغلت علي القائد الثاني للجيش أرياط، فكتب إليه النجاشى يلومه على ما كان منه، ويتوعده ويحلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيته، فأرسل إليه أبرهة يترقق له ويصانعه، وبعث مع رسوله بهدايا وتحف، وبجراب فيها من تراب اليمن، وجز ناصيته فأرسلها معه، ويقول فى كتابه، ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه وهذه ناصيتى قد بعثت بها إليك، فلما وصل ذلك إليه أعجبه منه، ورضى عنه، وأقره على عمله، وأرسل أبرهة يقول للنجاشى، إنى سأبنى لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن قبلها مثلها، فشرع فى بناء كنيسة هائلة بصنعاء رفيعة البناء، عالية الفناء، مزخرفة الأرجاء، سمتها العرب القليس، لارتفاعها.
لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها، وعزم أبرهة الأشرم على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة، ونادى بذلك فى مملكته، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية ذلك، وغضبت قريش لذلك غضبا شديدا، حتى قصدها بعضهم، وتوصل إلى أن دخلها ليلا، فأحدث فيها وكر راجعا، فلما رأى السدنة ذلك الحدث، رفعوا أمرهم إلى ملكهم أبرهة وقالوا له، إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم الذى ضاهيت هذا به، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة، وليخربنه حجرا حجرا، فتأهب أبرهة لذلك، وصار فى جيش كثيف عرمرم، لئلا يصده أحد عنه، واستصحب معه فيلا عظيما كبير الجثة لم ير مثله، يقال له، محمود، وكان قد بعثه إليه النجاشى ملك الحبشة لذلك.
ويقال كان معه أيضا ثمانية أفيال، وقيل اثنا عشر فيلا، وقيل غيره، وذلك ليهدم به الكعبة بأن يجعل السلاسل فى الأركان، وتوضع فى عنق الفيل، ثم يزجر ليلقى الحائط جملة واحدة، فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا ذلك جدا، ورأوا أن حقا عليهم المحاجبة دون البيت، ورد من أراده بكيد، فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم، يقال له “ذو نفر” فدعا قومه، ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله، وما يريد من هدمه وخرابه، فأجابوه وقاتلوا أبرهة فهزمهم لما يريده الله عز وجل من كرامة البيت وتعظيمه، وأسر “ذو نفر” فاستصحبه معه، ثم مضى لوجهه حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخشعمى فى قومه، شهران وناهس فقاتلوه.
فهزمهم أبرهة، وأسر نفيل بن حبيب، فأراد قتله ثم عفا عنه، واستصحبه معه ليدله فى بلاد الحجاز، فلما اقترب من أرض الطائف خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم، الذى عندهم، الذى يسمونه اللات، فأكرمهم وبعثوا معه “أبا رغال” دليلا، فلما انتهى أبرهة إلى المغمس، وهو قريب من مكة، نزل به وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها، فأخذوه، وكان فى السرح مائتا بعير لعبد المطلب جد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الذى أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة، وكان يقال له “الأسود بن مفصود ” فهجاه بعض العرب، فيما ذكره ابن إسحاق، وبعث أبرهة حناطة الحميرى إلى مكة، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدوه عن البيت.
الدكروري يكتب عن النجاشي يتوعد أبرهه