شريط الاخبار
الدكروري يكتب عن من يدعون علم الغيب
الدكروري يكتب عن من يدعون علم الغيب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن صاحب الفنجان وقاريء الكف وغيرهم مما يقولون بعلم الغيب، فإن كونهم أنهم يدعون علم الغيب فإن كل هذا كذب، وإنما يعتمدون على ما تقول لهم أصحابهم من الجن،
فإن بعضهم يستخدم الجن ويقول ما تقول له الجن، فيصدقون ويكذبون،
يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان أو استرقوها من السمع،
ويكذبون في الغالب والأكثر، ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل،
وهكذا الإنس الذين يخدمونهم يكذبون أيضا ويفترون ويقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كذبة، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى،
فهذا كله باطل وإن تكرر حدوث ما يخبر به هؤلاء مثل أن يخبروا عن إنسان فعل كذا أو فعل كذا وهم قد شاهدوه في مناطق أخرى.
أو أشياء أخبر بها الجن أنها وقعت في بلاد كذا وكذا، أو حدث كذا، أو صار كذا، فهم ينقلون عن الجن أخبارا أدركها الجن في بعض البلدان
فأخبروا بها أولياءهم وهذا كله لا صحة له، ولا يحكم بأنهم يعلمون الغيب أبدا، فإن علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هناك أمور تقع في بعض البلدان فينقلها الجن بعضهم إلى بعض،
أو شيء يسمع من السماء، يسمعونه من الملائكة، إذا استرقوا السمع إلى السماء، فينقلونه إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقا فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوا وقالوا صحيح،
ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير كما في الحديث ” إنهم يكذبون معها مائة كذبة ” والبعض منهم يكذب أكثر من مائة كذبة فلا يلتفت إليهم،
لأن عمدتهم الكذب، وتعاطي الباطل والقول بغير علم.
وأما عن علم الحرف فإن علم الحرف والأوفاق لم يكن معروفا عند السلف رحمهم الله تعالى، ولم ينقل عن أحد منهم الاشتغال به سواء الصحابة أو التابعون أو أتباع التابعين، ومن أعلم وأتقى الناس بعدهم؟
ويؤكد هذه الحقيقة ابن خلدون في المقدمة حيث قال وحدث هذا العلم في الملة بعد صدر منها، وعند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس،
وظهور الخوارق على أيديهم، بل لم يعتبر به أحد من العلماء المتأخرين الراسخين المحققين، وإنما المعروف عنهم تضليلهم
لمزاوله في تفسير القرآن وتاريخ الأمور الغيبية، ومن ذلك قول الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، قد جاءت النصوص في فناء هذه الدار وأهلها، ونسف الجبال،
وذلك تواتره قطعي لا محيد عنه، ولا يعلم متى ذلك إلا الله.
فمن زعم أنه يعلمه بحساب، أو بشيء من علم الحرف،
أو بكشف، أو بنحو ذلك فهو ضال مضل، وقال ابن خلدون في المقدمة، فأما سر التناسب الذي بين هذه الحروف وأمزجة الطبائع، أو بين الحروف والأعداد، فأمر عسير على الفهم، إذ ليس من قبيل العلوم والقياسات، وإنما مستندهم فيه الذوق والكشف، وأما ما نسبته إلى من ذكرت من انشغالهم بهذه العلوم، فهم أما المبتدعة والطرقية فلا يعتد باختياراتهم إن ثبتت، وقد كفر العلماء ذلك.
الدكروري يكتب عن من يدعون علم الغيب